فلسطين أون لاين

وإن من الفرح ما قتل.. مفرقعات النجاح وويلاتها؟!


ظاهرة التعبير عن الفرح بالمفرقعات بكافة أشكالها والتي قد تصل إلى إطلاق النار الحي وبالتالي قد تصل الى القتل، لاقت استياء كبيرا في الشارع الفلسطيني، هناك شريحة فرحت بهذه الطريقة واحتفت بنجاحها باطلاق هذه المفرقعات، وهناك غالبية انزعجت وعبرت عن استيائها الشديد خاصة بعد أن بلغ شرها حالة القتل للطالب المتفوق رامز داود، هذا شيء مرعب وفي غاية الالم والمرارة، ما هو حال أمّ هذا الشاب الآن؟ وأبيه الذي لا شك بأنه انتظر طويلا ليرى ثمرة تربيته وسهره الطويل مع فلذة كبده، واذا بهم يقلبون الفرح الى مأساة ويذيقون أمه وأباه أسوأ ما يتوقعه المرء من مصيبة وقهر وألم دائم وحسرة لن تفارق قلبيهما أبدا.

ماذا يعني أن تنطلق مدافع المفرقعات طيلة النهار والى ساعة متاخرة من الليل، ثم يأتي من ينتظر نوم الناس فيخرج بمفرقعاته الساعة الواحدة ليلا، وكأنه يقول للناس عليكم أن لا تناموا وأن تلتزموا بالفرح معي وعلى طريقتي وفي الوقت الذي اختاره بجنون فرحتي. أنا اليوم هنا الذي أملك فضاءكم وأتحكم في وقت نومكم.. عليكم أن تقفوا مصفقين لما أطلقه في سمائكم وقت ما أريد، أنا اليوم الملك وأنتم الرعاع الذين عليكم أن تفرحوا اذا فرحت وتلتزموا بطقوس الفرح الذي أختاره لكم.

هناك خسارة تربوية في أخلاق لا تليق بمن تعبت عليه مناهجنا التربوية مدة اثنتي عشرة سنة في المدارس، وهناك تخلف في ثقافة المجتمع حيث لا تفلح المساجد ولا المراكز الثقافية والاجتماعية في أن تؤثر على ثقافة المجتمع فلا تظهر هذه الظاهرة السلبية، عدا عن الخسارة المادية اذ بثمن المفرقعات قد تغطي عجز جامعة من جامعاتنا أو قد توفر أقساط جامعية لطلاب لديهم عجز في أقساطهم.

لن ينفع التعبير عن الاستياء العام وعبارات الشجب والاستنكار الا اذا أنتجت علاجا يضع حدا لهذه الظاهرة المريعة، أعداؤنا أمام كل مصاب كبر أم صغر يشكلون لجنة يسمونها لجنة استخلاص العبر والتي بدورها تخرج توصيات تلتزم بها الدوائر الرسمية ذات الصلة.

وهنا أدعو الى تشكيل لجنة استخلاص عبر لتدرس الظاهرة ولتصل الى توصيات من شأنها أن تضع حدا لها قبل أن تصل الى آفاق أكثر رعبا وأشد ألما، قد تتطرق الى موضوع منع استيراد مثل هذه المفرقعات وسن قوانين تجعل منها ومن اطلاق النار مخالفة جنائية يعاقب عليها القانون بعقوبة رادعة أشد مما هو موجود حاليا، وكذلك لا بد من العمل على التوعية وثقافة المجتمع وأن يقوم أئمة المساجد بدور ارشادي، ودور الإفتاء, وإلحاق الضرر بالناس قد يصل الى الحرام شرعا.. وهكذا نعمل بكل الاتجاهات الممكنة للقضاء على هذه الظاهرة.