رأى مراقبان سياسيان أن تشديد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، يأتي في سياق تطبيق ما يسمى "صفقة القرن" التي أوجدها رئيس الإدارة الأمريكية دونالد ترامب، ورحبت بها حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، ورفضها الفلسطينيون مطلقًا.
وكان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قرر أمس فرض عقوبات على غزة، تشمل: تقنين إدخال البضائع، ومنع التصدير، وتقليص مساحة صياد الأسماك، وإغلاق معبر "كرم أبو سالم" إلى أجل غير مسمى، مدعيًا أن ذلك جاء بسبب استمرار إطلاق الطائرات والبالونات (الحارقة) تجاه مستوطنات الاحتلال.
واعتبر المحلل السياسي عماد محسن، هذا القرار "استمرارًا في محاولة كيّ الوعي الفلسطيني، ووضع الإنسان الغزي البسيط أمام خيارين لا ثالث لهما، إما التوقف عن دعم المقاومة الفلسطينية ومسيرة العودة الكبرى، ومواجهة الاحتلال وسياساته الجائرة بحق القطاع، وإما تحمل تبعات احتضان المقاومة والمسيرة ومطالبها العادلة".
وقد يترتب على ذلك أشكال معاناة ليس أقلها الحصار الظالم بالمعنى الاقتصادي والتجاري، وسط توقعات أن يصل الأمر إلى حدود أبعد في ظل تغول الاحتلال وصمت الإقليم والعالم، حسبما قال محسن لـ"فلسطين" عبر الهاتف.
ورأى أن القرار الإسرائيلي يأتي في سياق "صفقة القرن"، إذ تدفع (إسرائيل) قطاع غزة نحو الانفصال تزامنًا مع ممارسات السلطة اللا قانونية والظالمة التي تدفعه نحو الانفصال أيضًا.
وقال: إن "الأصعب من كلّ ذلك، أن (إسرائيل) ماضية في تطبيق الصفقة على الأرض واقعًا، دون أن يتمكن أي طرف سواء كان فلسطينيًا أو عربيًا أو دوليًا منعها من مواصلة تطبيق بالشكل الذي اتفق عليه الإسرائيليون والأمريكان معًا دون أن يشاوروا طرفًا فلسطينيًا أو عربيًا".
ولفت الأنظار إلى أن قرار نتنياهو يأتي في وقت بالكاد يستطيع سكان قطاع غزة تدبر أحوال معيشتهم.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل؛ أن التضييق الجديد على غزة جزء من مفاصل "صفقة القرن"، خاصة أن الأمريكان يعتبرون بداية الصفقة من قطاع غزة بعد مدينة القدس المحتلة التي أعلنها ترامب في 6 ديسمبر/ كانون أول 2017، عاصمة لـ(إسرائيل).
وأثار ذلك موجات ردود فعل غاضبة محليًا وعربيًا ودوليًا ضد هذا القرار، وسيرت مسيرات ضده في أغلب العواصم العربية والأجنبية.
وأشار عوكل لـ"فلسطين"، إلى أن كل ما يجري يهدف إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية المحتلة من خلال ضغط إسرائيلي متشدد بموافقة أمريكية لإرغام حركة حماس على تخفيف شروطها فيما يتعلق أي مباحثات أو مداولات تجري أو قد تجري مستقبلًا، والقبول باتفاق يؤدي إلى تحسين الوضع في قطاع غزة بانفراجة واستثمارات مقابل حصول الاحتلال على شيء ما، لكن الأهم بالنسبة له إبعاد غزة عن الضفة الغربية.
ولم تعلن حركة حماس عن وجود مباحثات معها لتحسين الأوضاع في غزة، لكنها أشار إلى أن لديها مقترحات قدمتها أطراف عدة للخروج من الأزمة الراهنة والتي تسبب بها الحصار والإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة الفلسطينية بل ما يزيد على عامٍ من الآن.
واستعبد عوكل تبرير الاحتلال بأن إغلاق معبر كرم أبو سالم جاء بسبب استمرار إطلاق الطائرات الورقية والبالونات التي أحرقت مئات الدنمات في أحراش ومزروعات المستوطنين وراء السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة سنة 1948.
وقال: إن الموضوع أكبر من ذلك، وتشديد الحصار ضغط إسرائيلي متشدد بموافقة أمريكية للاستعجال في تنفيذ مخطط يتفق عليه الطرفان في غزة.
وأكد أن غزة أمام خيارين، إما المصالحة الفلسطينية الذي ستجعل القطاع جزء من الحالة العامة، وإما الخيار الأمريكي الذي قد يفرض فرضًا، والذي قد يشمل اقامة مشاريع في صالح غزة دون أن تقبل حماس أو غيرها بتقديم تنازل سياسي.
وعد المحلل السياسي، أن دعوة الراعي المصري للمصالحة الوطنية؛ وفدي حماس وفتح إلى العاصمة القاهرة، جاءت في وقت حساس جدًا، والتي قد تكون الفرصة الأخيرة أمام الطرفين.

