فلسطين أون لاين

​الصحفي شاكر خزعل..

"مخيم" و"مسرح".. نقطة انطلاق الفلسطيني الأكثر تأثيرًا في العالم

...
غزة/ هدى الدلو:

تفتحت عيناه بعيدًا عن وطنه، وتصدعت أذناه بسماعه كلمة اللجوء، والتشرد، ومعاناة اللاجئين، فولد في مخيمات اللجوء في لبنان، ما جعله يحمل عبء قضيته وخاصة اللجوء، ليصول ويجول مختلف دول العالم متحدثًا عن معاناتهم وألمهم ووجعهم الممتد منذ سنين.

أصبح لسانهم الناطق بحالهم، وقد حقق نجاحات في تقديم البرامج ثم في اقتحامه عالم الكتابة، ليمسي واحدًا من أهم الشبان المؤثرين في محاكاته لمعاناة اللاجئين باللغة الإنجليزية، فبات الشاب العربي الأكثر تأثيرًا في العالم تحت سن الأربعين وفق مجلة أربيان بيزنس، كما أنه رجل العام لسنة ٢٠١٦ وفق مجلة إسكواير الشرق الأوسط..

الحياة المهنية

شاكر خزعل (31 عامًا) كاتب فلسطيني كندي، وصحفي مقيم في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، ولد في لبنان وعاش مع عائلته في مخيم برج البراجنة، ثم انتقل للعيش في كندا، وهناك اقتحم عالم تقديم البرامج التلفزيونية ثم انتقل إلى عالم الكتابة، ليصدر أول رواية له "اعترافات طفل الحرب" في عام 2013.

لا بُدّ أنه تأثر بعيشة المخيم وأجوائه، يقول لفلسطين: "رغم أنه يسيطر على تفكير الناس أن المخيم مكان مظلم وتخيم عليه الظروف القاسية والصعبة، لكن أهالي المخيمات أناس مكافحون ومثابرون، ومجتهدون، ويكنون الخير لبعضهم بعضًا، ولديهم قاسم مشترك وهي القضية الفلسطينية وظروف مشتركة"، فالحياة في المخيم علمته كيف يواجه، ويتحدى ويثابر بالحياة، ويحلم بأشياء كبيرة.

وفي طفولته كان مولعًا في العمل بالمسرح، لتبدأ حياته المهنية من عمر صغير، وقد كان على وعي وإدراك بأن الفلسطيني في البلد الذي عاش فيه لا يمكنه الحصول على وظيفة، ومحروم من الكثير من الحقوق، وممنوع من العمل، وفي عام 2000 بدأت نشاطاته في البزوغ من خلال مشاركته في برنامج للتبادل الثقافي بكندا، وفي عمر السابعة عشرة حصل على منحة دراسية، وحصد على جائزة من جامعة يورك في تورنتو لتفوقه الأكاديمي ومهاراته القيادية العالية في دراسة الإنتاج السينمائي والدراسات الدولية.

انتقل خزعل إلى كندا للدراسة، وتخرج في عام 2009م في جامعة "يورك" الكندية في العلاقات الدولية والإخراج السينمائي، لينضم إلى منظمة "نايشنز يونايتد"، وأصبح ناطقًا بحقوق اللاجئين.

وتابع حديثه لـ"فلسطين": "اقتحمت العمل في مجال تقديم البرامج، ثم انتقلت مسرعًا إلى عالم الكتابة والإعلام، وفي عام 2014م بدأت عملي صحفيًّا لصحيفة "هافينغتون بوست" بنيويورك رصدتُ خلالها أحداث اللاجئين".

غرس الأهل

لا بُدّ أنه كان للأهل تأثير كبير فيه، خاصة أن والده مخرج سينمائي، ووالدته دكتورة جامعية وناشطة اجتماعية، فأثروا فيه وحثوه على العلم، "والفلسطينيون دائمًا يربون أبناءهم على حب الوطن، خاصة في حياة اللجوء والشتات، فأول ما نولد يغرس فينا حب فلسطين"، وفق قول خزعل.

وأضاف: "عندما كان أجدادي يحدثوني عن النكبة وأوجاعها، ويسردون لي ما حدث معهم في تلك الليالي السوداء، كنتُ أشعر بحرقة قلب على وطن ضائع، عن حلم أجدادي الذين ماتوا ولم يستطيعوا أن يحققوه، ولكن كلما قست الدنيا على الإنسان تكبر أحلامه أكثر، ويسعى إلى تحقيق حلم أجداده الذين لم يستطيعوا الوصول إليه".

وأوضح خزعل أن كلمة لاجئ، هي كلمة سامية تحمل معانيَ كثيرة، ظلمًا وأسًى وتعبًا.

وأشار إلى أنه مهما اجتهد وسعى في قضية اللاجئين من أجل نصرتهم، فلن يستطيع أن يوصل لهم حقوقهم إلا بعد عودتهم لمدنهم وقراهم الفلسطينية، وباستعادة حقوقه المدنية والاجتماعية، فما يستطيع عمله هو أن يعرض نفسه كمثال للاجئ الفلسطيني، فكل ما يحتاج إليه اللاجئ هو فرصة في الحياة.

نشاطاته

قام خزعل بنشاطات عديدة لها علاقة باللاجئين بهدف دعمهم كونه مقربًا من مفوضية اللاجئين لدى الأمم المتحدة، ويقوم بعمل توعية بقضاياهم وحقوقهم ومطالباهم في الحياة، كما أنه يسعى من أجل التعريف بحقوق اللاجئ وأهمها حق العودة، وحقهم في العيش بكرامة، وذلك مرتبط بأن تمنح الدول فرصًا للاجئ، وأن تفتح أبوابها أمامهم.

وفلسطينيته تحرك مشاعره اتجاه اللاجئين في العالم، واستكمل: "فجميعنا من أصول لاجئة، حتى أنبياء الله لجؤوا من مكان لآخر من أجل العيش بأمان وسلام، فاللجوء ليس فكرة غريبة أو جديدة، بل هو حدث تاريخي بحياة الشخص، وأتمنى ألّا يغيب ذلك عن بال أحد خاصة عندما أنقل أزمات اللاجئين، وألّا يربطوه بالإرهاب، وأذكر المجتمعات الأمريكية أن أجدادهم لجؤوا من أوروبا إلى أمريكا وأستراليا وقت الحروب، فيجب ألّا نفكر أن اللجوء شيء خاص بفئة معينة من العالم، بل هو أزمة إنسانية على مر العصور".

وبين خزعل أن ما يحدث للاجئين الفلسطينيين والسوريين والأفغان والعراقيين والسودانيين هو الظلم بذاته، فليس من العدل أن يعتلي ظهر الإنسان سفينة ويغامر بحياته في عرض البحر والمحيطات ليصل ويعيش بأمان، "فالإنسانية أن نفتح أيدينا لبعضنا، ونساعد بعضنا كما نصت الأديان السماوية، فللأسف ما يحدث هو أمر لا إنساني ولا أخلاقي، وهو أدنى ما يمكن أن تصل له الإنسانية".

ونبّه على أنه لم يقتصر دعمه على اللاجئين العرب، بل تطرق إلى مناصرة ودعم حقوق الهنود الحمر في كندا، هم الذين يعانون من جرّاء إدمان المخدرات، خاصة أن اللاجئين لديهم قواسم مشتركة كانتزاع الأرض منهم، وسلب حقوقهم.

الجنسية الكندية كانت عونًا له ومسانَدة، كما أعطته الفرصة وسمحت له كندا بأن يكون من مجتمعها، ما سهل له التنقل والتجول بين مختلف البلدان، وعمل على تقوية علاقاته مع المنظمات الدولية التي تهتم بقضايا اللاجئين وحقوقهم، وتمكن من تأمين فرص عدة للاجئين بربط خريجين مع مؤسسات خارجية.

مؤلفاته

بدأ التأليف في عام 2012 وأصدر أول كتاب له عام 2013 "اعترافات طفل الحرب" الجزء الأول، وتحدث فيه عن قصص حقيقية لأطفال ضحايا الحروب، وأن اللاجئين لا يحتاجون فقط إلى الغذاء، بل إلى تأمين فرص لهم للإبداع والعيش بكرامة، أما في الجزء الثاني الذي صدر في العام الذي يليه، وجه فيه رسالة بأن الشعب السوري كان الضحية الأولى للحرب الدائرة في سوريا، أما الإصدار الثالث منه في عام 2015 فركز فيه على أن الإرهاب لا ينبت في أرض قاحلة، بل في أرض خصبة وبدعم وتمويل جهات خارجية، وآخر إصدار له عام 2017 كتاب بعنوان "حكاية تالا" وهي من الروايات الأكثر جرأة كما وصفها البعض، تحدث فيها عن الدعارة والتجارة بالبشر واللجوء الفلسطيني.

فاز خزعل بجائزة "رجل العام" لمنطقة الشرق الأوسط من قبل مجلة "اسكوير" الأمريكية، وحصد على لقب الشاب الأكثر تأثيرًا في العالم ضمن لائحة الشباب العرب والتي شملت 100 شخصية شابة وقد صنفته المجلة على أنه أقوى العرب تأثيرًا تحت سن 40، والتي أصدرتها مجلة "أريبيان بزنس" عام 2016.

وتُوِّج خزعل بلقب رجل العام، وفي 2005 حظي بجائزة ولقب قائد الغد، وحصوله على تلك الجوائز يعطيه فرصًا أكبر بالحياة، ويحتم عليه العمل بشكل أكثر من أجل رفع اسم فلسطين وكندا، وبنفس الوقت هذه الألقاب والجوائز تحفزه للعمل بشكل أكبر من أجل الحصول على مسميات أعلى، لافتًا إلى أن إصداراته ومؤلفاته كانت تتصدر قائمة المبيعات.

وختم حديثه: "دائمًا أزور فلسطين وأشعر حينها بأنها لحظة انتماء للماضي والحاضر والمستقبل، ولحظة وحب وعشق ففي حرم الجمال يبدأ السكوت".