فلسطين أون لاين

​ماذا تعرف عن الشخصية "السّيكوباتيّة"؟

...
غزة / القاهرة - حنان مطير

لو لديه عصفور يخنقه، لو أمامه قطة يركلها حتى الموت، أو يغرقها في برميل ماء، إن ضربَ طفلًا يُنزِفه دمًا، وحين يكبر لو اعترضه أحد قد يقتله، وفي حالة الأزواج قد يُسجّل لزوجه المكالمات ليمسك عليها خطأً ما، وفي العمل ينقلب على مديره ليأخذ مكانَه، هو شخص يرى أن كلّ ما بيد الناس من حقّه هو وليس من حقّ أحدٍ غيره، لا يهنأ له بالٌ إلا بأذيّة وتعذيب كلّ من حوله.

بالمقابل فإنه يمتلك هدفًا دائمًا يوصله إلى أماكن مرموقة بذكائه، وبقدرته على الإقناع، هذا الهدف ينشأ نتيجة رغبته بأن يكون أفضل من الجميع، وأن الجميع يجب أن يكونوا بلا قيمة، لذلك فإن أصحاب تلك الشخصية ينمون بيننا وغالبيتنا نعرفهم، هو أسوأ من النرجسيّ لأنه شخصية مؤذية عدوانية.

بتلك المواصفات تُفكّك المستشارة الأسرية والنفسيّة الدكتورة عبير طلعت الرموز عن الشخصية "السيكوباتية" وتقول لـ "فلسطين":" إنها شخصية لا تملك ضميرًا ولا مشاعر، حيث يكون نمو العقل في هذا الجانب متوقفًا، ولكن لا تستغرب إن وجدتَ حياتها طبيعية، تخرج مع الأبناء، تصلي، تتصدّق، تحجّ، وتنشر على مواقع التواصل الاجتماعي أروع منشورات الدين والحكم والدروس والعبر".

وتضيف:" "السيكوباتية" اضطرابٌ نفسيٌ خطير، فيولد الطفل ولديه استعدادٌ وراثي لذلك الاضطراب، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تخيروا لنطفكم فإن العرق دسّاس"".

وتتبع:" في حين لا يولد طفل "سيكوباتي" 100%، لكن أسلوب التربية فيما بعد إما أن ينمّي ذلك الاضطراب أو يخفف منه".

تحت الضغط

الشخص "السيكوباتي" يكون بالعادة شخصًا قادرًا على النّصب يأخذ ما يريد بهدوء، وفي مواقف أخرى يكون عدوانيًا جدًا، وإن لم تظهر عدوانيته في المواقف العادية، فهي تظهر حين يتعرض للضغوط، فالإنسان الطبيعي إن تعرض لضغوطٍ ما فإنه يغضب أو يكتئب وقد ينهار كونه يمتلك المشاعر، أما الشخص "السيكوباتي" فإنه حين يتعرض للضغوط يخرج من إطار الشخصية المرموقة إلى الشخصية "البلطجية" فيُخرج كل ما لديه من حقدٍ وكراهية وألفاظ سيئة وربما ضرب وعنف قد يصل للقتل، ثم سرعان ما يُلملِم نفسَه ويعود كما لو أنه شخص عادي لطيف طبيعي، وكأن شيئًا لم يحدث، وهذا قد يكون مديرًا لشركة كبيرة أو مؤسسة عظيمة وله مكانة كبيرة في المجتمع- كما تقول دكتورة طلعت.

وتضيف:" للأسف فإن المجتمع والأهل تحديدًا هم من ينمّون تلك الشخصية، حيث تبدأ علامات ذلك الاضطراب بوضوح في الطفل في عمر الرابعة، فتتجاوز تصرفاتُه المقبولَ والمعقولَ، فيبدو عنيفًا يضرب بلا تردّد ودون أن يشعر بندم، يسرق إخوتَه او أصحابه وغيرهم، يعتدي على كل من تطالهم يدُه، بالمقابل تجد الأهل ينعتونه بالشجاع والبطل والقوي".

وتتبع:" وهناك من يغرس تلك الصفات بالطفل، حين يدفعونه لضرب أحدٍ وينعتونه بالهامل أو الضعيف إن لم يتصرف بعنف مع من أذاه او اعترض له".

وما يزيد المشكلة هو إنكار الأهل لوجودِها، وعدم تقبّلهم للاعتراف بها أبدًا، وهنا يخسر الأهل الفرصة في العلاج النفسي الذي يكون أكثر فاعلية في سنّه الصغير.

أما عن علاج الاضطراب النفسي المتمثل في السيكوباتية فالأصل أن يتمّ التعامل مع هذه الشخصية منذ الصغر بالعدل وليس بالمساواة بين الأبناء، فالمساواة بين الشخص الجيد والشخص السيء يساهم في بقاء السيء على حالِه دون التفكير في التغيير.

اضطراب لا يشفى

وبالمقابل فإن هذا الاضطراب لا يزول أو يشفى منه الشخص نهائيًا إنما يمكن السيطرة عليه منذ الصغر في حال تم معالجته نفسيًا وبحذر من خلال الأهل والمستشارين النفسيين والتربويين ثم من خلال تناول بعض الأدوية التي يمكن من خلالها السيطرة على الأعراض وليس الحل النهائي للمشكلة.

وتضرب الدكتورة طلعت مثالًا: "لو عاد الطفل لوالدته مثلًا وقد سرق أغراض أصدقائه، يجب التصرف بشكل فوريّ وبطريقةٍ تربوية نفسية من أجل عدم التكرار كأن تقول له والدته:" أنت نسيت ووضعت الأغراض في حقيبتك، أو أنت لم تكن منتبهًا أو أن أحدًا غيرك وضعها في حقيبتك، وبالتالي يجب إعادتها لأصحابها.. وهكذا لا بد من التعامل بطريقة تربوية دقيقة مع الطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب أملًا في السيطرة على تصرفاتِه".