أجرى ممثلو ما يسمى بـ "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات قياس ومسح للقرية الفلسطينية البدوية "الخان الأحمر" المهدد بالهدم.
وذكرت مؤسسة "بتسيلم" لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة أن عناصر من شرطة الاحتلال ومندوبي "الإدارة المدنيّة" وصلوا إلى منطقة الخان الأحمر، بعد إعلان سلطات الاحتلال عزمها على اقتلاعه وتهجير سكّانه، محذرة من مغبة تنفيذ الاحتلال جريمة حرب ضد السكان.
وأوضحت في بيان صحفي الاثنين أن جنود الاحتلال تنقلوا بين منازل السكّان على نحو يشي بأنّهم يشرعون في الإعداد لتنفيذ خطّة هدم التجمّع.
وهدد أحد عناصر شرطة الاحتلال المرافقة، الأهالي بتهجيرهم، قائلًا لهم إنه "سيتم إخلاؤهم بالقوة، ومن الأفضل لهم أن يقوموا بذلك طواعية"، غير أنّ الشرطي رفض أن يطلعهم على موعد الهدم.
ومنذ أن صادقت المحكمة الإسرائيلية العليا على هدم منازل القرية، اقتحم ممثلو مؤسسات الاحتلال الأمنية القرية، في أكثر من مناسبة، وأجروا قياسات مختلفة للمنطقة والبيوت، وفحصوا إمكانية إدخال مركبات وجرافات الهدم والتجريف.
واقتحم ممثلو "الإدارة المدنية" القرية خمس مرات متفرقة أمس الأحد من الجهة المقابلة لشارع رقم (1) المؤدي إلى أريحا، وفي المرة السادسة تنقلوا بين البيوت وفي الطرقات وأجروا مسحًا للمكان.
وكانت المحكمة الإسرائيلية العليا صادقت أواخر أيار/ مايو الماضي، على هدم قرية الجهالين في الخان الأحمر والمدرسة التي أقيمت هناك، في أي توقيت تراه حكومة الاحتلال مناسبًا بدءًا من مطلع حزيران/ يونيو الماضي.
ورفض قضاة المحكمة التماسين ضد أوامر الهدم تقدم بهما سكان القرية نفسها، وذوو الطلاب الذين يأتون للدراسة في مدرسة القرية من التجمعات الفلسطينية البدوية القريبة من المنطقة.
وادعى القاضي "نوعام سولبرغ" أن المباني أقيمت بشكل "غير قانوني"، وأنه لا يوجد أي ذريعة للتدخل في تنفيذ أوامر الهدم التي صدرت. وأيد موقفه القاضيان "عنات بارون وياعيل فيلنر".
يذكر أن وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان كان أعلن في آب/ أغسطس من العام 2017 أن وزارته تستعد لإخلاء سكان الخان الأحمر وقرية سوسيا، علمًا أنه تم رفض كافة طلباتهم بشأن خارطة هيكلية وتراخيص بناء للمباني التي يقيمون فيها منذ عشرات السنوات.
وكان الاحتلال طلب من نحو 200 من سكان الخان الأحمر الانتقال إلى المنطقة التي خصصتها "الإدارة المدنية" على أراضي قرية أبو ديس.
يشار إلى أنه في المنطقة الواقعة بين القدس وأريحا تعيش عشرات التجمعات العربية الفلسطينية البدوية، بينها عشيرة الجهالين، التي كانت تتنقل في مناطق النقب.
وفي عام النكبة، 1948، طردت العصابات الصهيونية تجمعات كثيرة من النقب، وانتقلوا للعيش في الضفة الغربية، ومع احتلال الضفة عام 1967م، بدأ الاحتلال يضيق عليهم الحيز الذي يتنقلون فيها بما يلائم نمط حياتهم، وبضمن ذلك منعهم من الوصول إلى مصادر المياه والرعي، بواسطة الإعلان عنها مناطق إطلاق نار.
وتفاقمت معاناة هذه التجمعات في أعقاب اتفاقية أوسلو، وتوسيع المستوطنات وشق الطرق الالتفافية. وبعد منع الفلسطينيين سكان الضفة من دخول القدس، ضمن سياسة عزل المدينة عن الضفة، فقد الفلسطينيون البدو في المنطقة السوق المركزي لبيع منتوجاتهم.
ويخوض السكان في منطقة الخان الأحمر منذ 2009 نضالًا ضد أوامر الهدم، وضد الأوامر التي تمنع إقامة مبان عامة، كالعيادات والمدارس.
وفي السنوات الأربع الأخيرة، ضاعف لوبي المستوطنين في الكنيست، وعلى رأسهم القائم بأعمال لجنة الخارجية والأمن لشؤون "الاستيطان في الضفة الغربية"، إضافة إلى قادة المستوطنين، وخاصة في منطقة "معاليه أدوميم"، الضغوط على من يطلق عليه "منسق عمليات حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67"، لتنفيذ أوامر الهدم، وذلك بذريعة أن المنطقة ضرورية لتوسيع المستوطنة.