فلسطين أون لاين

​التطبيع التكنولوجي.. بوابة كسب إسرائيلية بأيادٍ فلسطينية

...
غزة/عبد الرحمن الطهراوي:

تعمل شركات فلسطينية على نسج علاقات تعاون وعمل مع شركات إسرائيلية متخصصة بعالم التكنولوجيا وأنظمة البرمجة، وذلك في الوقت الذي تدعو به حركة مقاطعة الاحتلال ""BDS شركات أنظمة التكنولوجيا العالمية لوقف تعاملاتها الاقتصادية مع دولة الاحتلال، والتي أثمرت نتائج إيجابية في الآونة الأخيرة.

وكان ممثلون عن شركات فلسطينية تعمل في مجال التكنولوجيا وهي "شركة Exalt التي تتخذ من مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة مقراً لها، وشركة كاديانس، وشركة عسل للتكنولوجيا، ومركز الابتكار التكنولوجي في روابي"، قد شاركوا الأربعاء الماضي في مؤتمر تطبيعي نظم بأحد فنادق "تل أبيب" لمناقشة "الفرص والتحديات التي تواجه المهندسين والمطورين في القطاع التكنولوجي" على حد زعمهم.

وتحاول الجهات الإسرائيلية والهيئات العاملة في مجال ريادة الأعمال والشركات الناشئة، استغلال الإمكانيات الفلسطينية التي تتميز بارتفاع مستوى المهارة والاتقان لديها، بالإضافة إلى أنها أياد عاملة غير مكلفة مقارنة بتلك الموجودة في الصين والهند وأوكرانيا وكوريا الجنوبية ودول أوروبا الشرقية، والتي كان الاحتلال يتعاون معهم سابقا.

سفراء للاحتلال

ووفقا لمصدر مطلع تحدث لصحيفة "فلسطين" فإن مسلسل توظيف فلسطينيين في مجال التكنولوجيا الإسرائيلية تعود بدايتها إلى قبل نحو ثماني سنوات على هيئة عمل فردي، قبل أن يتطور لاحقا وتحديدا خلال العامين الماضيين نحو دمج شركات تكنولوجيا فلسطينية في علاقات تطبيعية مع شركات مشابهة إسرائيلية.

وذكر المصدر أن المعنيين بالعلاقات يتذرعون في فتح تلك العلاقات بالرغبة في تطوير أفكارهم وزيادة أرباحهم والارتباط مع مستثمرين أجانب بشكل مباشر، ولكن مقابل ذلك يقدم الجانب الفلسطيني خدمة كبيرة للاحتلال بأن يكونوا سفراء للتكنولوجيا الإسرائيلية في الشرق الأوسط والعالم عموما.

وأضاف "يواجه الاحتلال منذ سنوات صعوبات في الدخول للأسواق العربية وتسويق منتجات شركات التكنولوجيا والبرمجة، وذلك في ظل حملات المقاطعة التي تستهدف الاحتلال على كافة الصعد، ومن أجل ذلك لجأ إلى شركات فلسطينية واتخذها كجسر للوصول للزبون العربي رغم أن العقل الفلسطيني وهو الذي يفكر وينتج ويسوق ولكن الإسرائيلي من يكسب المال".

وأشار إلى أن الاحتلال يتمسك بالشركات الفلسطينية على حساب الشركات الأوروبية، لأسباب متعددة بعضها سياسي تطبيعي، وأخرى متعلقة بانخفاض تكلفة اليد العاملة الفلسطينية، إذ تتقاضى الأخيرة نحو 750 دولارا شهريا، مقابل ما يزيد عن 1500 دولار للموظف الإسرائيلي فضلا عن مكاسب جانبية مرتبطة باتساع آفاق العمل لدى رجال الأعمال والمستثمرين الإسرائيليين.

دعوات للمحاسبة

وفي ذات السياق، قال الكاتب الإسرائيلي "إليران روبين" بمقال نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية أخيرا، إن "الكثير من الناس لا يعلمون حجم التعاون الكبير بين مهندسي البرمجيات الفلسطينيين، بما فيها غزة وشركات التكنولوجيا الإسرائيلية؛ الأمر الذي أدى إلى التخفيف من النقص الذي تعاني منه (إسرائيل) في الأيدي العاملة".

وكشف الكاتب عن أسماء بعض الشركات التي تدعم التعاون منها شركة "ميلانوكس تكنولوجيز"، وهي إحدى الشركات الإسرائيلية التي اكتشفت تلك الإمكانيات الفلسطينية الخفية، مبينا أن شركة "ميلانوكس" توظف اليوم 100 فرد 20 منهم من غزة، "وهذا التعاون مدعوم من جيش الاحتلال الإسرائيلي لتسهيل عملية المرور من وإلى (إسرائيل).

وعلى إثر ذلك، لم تتراجع شخصيات فلسطينية من المشاركة في المؤتمر التطبيعي التكنولوجي الأخير، وسبق ذلك استضافت شركات فلسطينية زيارات متكررة ولقاءات دورية مع مدراء شركات إسرائيلية يتسللون النهار إلى مركز مدينة رام الله وسط الضفة.

وأصدرت مجموعة الشخصيات الأكاديمية والمثقفة، عقب المؤتمر، بيانا تحت عنوان "لجموا المطبعين حفاظا على شرفنا الوطني"، دعت خلاله لمحاسبة شركات التكنولوجيا المشاركة في المؤتمر التطبيعي في "تل أبيب"، والتي لم تستجب للنداءات التي وجهت لها وطالبتها بالانسحاب.

وقال البيان "لم يكن لأحد أن يتخيل هذا الإمعان العلني في التطبيع من فلسطينيين بالتوازي مع عدوان صفقة القرن ومن ورائها من مصمميها والمتواطئين معها"، مؤكدا أن التطبيع من أي فلسطيني هو دعوة لكل العرب للتطبيع مع الاحتلال وهو جزء مما يسمى "صفقة القرن".

وتابع البيان "مع العدو المستعمِر لا حوار ولا تبادل علمي ولا ثقافي ولا أدبي ولا نفسي وبالتأكيد لا اقتصادي ولا سياسي"، مطالبا الشعب الفلسطيني بمقاطعة المشاركين في المؤتمر التطبيعي شركات وأفراداً معتبرا ذلك بمثابة "الحد الأدنى لحفظ ماء وجه شعبنا أمام الأمة العربية".