فلسطين أون لاين

​بعد رمضان الصيام سنةٌ تمتد على مدار العام

...
غزة/ نسمة حمتو:

من علامات قبول الطاعة الإقبال على المزيد من الطاعات بعدها، ومن شأن المعصية أن تجر أختها، ولعل من أمارات قبول الصيام واصطفاف صاحبه في سلك مستقيم أن تستمر الطاعة التي خاض العبد غمارها على امتداد 30 يومًا، ولعل أقرب تلك العبادات وشيجةً وعلاقة صيام أيام الست من شوال، التي تتبوأ مرتبة السنة البعدية، بعد فريضة رمضان، وكان صيام شعبان يمثل السنة القبلية لهذا الشهر الفضيل، والأمر لا يتوقف عند الست من شوال، وإنما سنن الصيام كثيرة وممتدة على مدار السنة.

خيارات متعددة

قال الداعية مصطفى أبو توهة لـ"فلسطين": "جميلٌ بالإنسان الذي ارتقى في مدارج الكمال الإنساني التي تشابه الملائكة الذين لا يشربون ولا يأكلون، والمجردين من الشهوة أن يظل مصاحبًا لهذا التألق على مدار السنة، بعبادة الصيام في العديد من المحطات، التي منها يوما الاثنين والخميس من كل أسبوع، والأيام البيض في كل شهر، وأول الشهر وآخره، ويوم العاشر من محرم، والعشر الأوائل من ذي الحجة".

وأضاف: "ولعل الهدف من تلك المحطات في الصيام أن يعود المسلم إلى الجادة، بعدما تبعده الذنوب والآثام، وتأسره وتسترقه العادات والطباع السيئة".

وأشار أبو توهة إلى أن النبي (عليه الصلاة والسلام) قد حث على النافلة من عبادة الصيام، ومن الأحاديث الواردة في ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم): "مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ فِي سَبِيلِ اللهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ إِلا بَاعَدَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا".

وذكّر بقول الله (عز وجل): "فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ".

وتابع: "وغني عن التذكير أن آداب وأخلاق الصيام ينبغي أن تكون قائمة بحذافيرها وحدودها في النافلة والفريضة"، مستشهدًا بقول جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : " إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ ، وَدَعْ أَذَى الْجار ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ ، وَلا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً " .

وبيّن أن الصيام ليس عن الطعام والشراب، بل عن اللغو والرفث، وبالالتزام بآداب الصيام يؤدي الصوم دوره في حط السيئات ورفع الدرجات، فيكون الجزاء يوم القيامة ما جاء في قوله (تعالى): "كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ"، لافتًا إلى أن العلماء فسروا (ما أسلفتهم) بأن المقصود طاعة الصيام.

وعن سنة الصيام التي تلي رمضان مباشرة (الست من شوال) قال أبو توهة: "الأصل في صيام الست من شوال حديث النبي (عليه الصلاة والسلام): "من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر كله"، وبيان ذلك أن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان 30 يومًا فكان بمنزلة صيام 300 يوم، وصيام الست من شوال يساوي 60 يومًا، والناتج 360 يومًا، وهي عدد أيام السنة".

وأضاف: "المسلم أمام خيارات متعددة في القيام بهذه النافلة العظيمة، فله أنه يصومها بعد عيد الفطر الذي يحرم الصيام فيه، وله أن يصومها متتاليةً، وله أن يصومها متفرقةً، على ألا تُحسب أيام القضاء من هذه الأيام، ذلك أنه لا يجوز أن يجمع بين فريضة القضاء وسنة صيام الأيام الست، والنسيان في المأكل والمشرب في الست من شوال ينطبق عليه ما ينطبق على النسيان في صيام فريضة رمضان، وهو قول النبي (عليه الصلاة والسلام): (فإنما أطعمه الله وسقاه)".