بعد رفضها مجريات ما تصوره سلطات الاحتلال على أنه "محاكمة" للمتهمين" في قضية محرقة عائلة دوابشة، أكدت الأخيرة أنها تعتزم التوجه للقضاء الدولي حال تسنى لها ذلك.
وكانت ما تسمى "المحكمة المركزية" في مدينة اللد المحتلة، ألغت أول من أمس، الاعترافات التي زعمت أنها "انتزعت تحت الضغط الجسدي" من أحد المتهمين في القضية، حسب مصادر عبرية.
وقال نصر دوابشة، متحدث باسم العائلة، لصحيفة "فلسطين"، إن عائلته ترفض كل ما جرى في المحكمة، واصفا قرارها بأنه "عنصري بامتياز".
وأوضح دوابشة أن الاحتلال اتخذ هذا القرار، بينما إذا كان المتهم فلسطيني يتم إخضاعه للتعذيب والإكراه لمحاولة انتزاع اعترافات منه كما حدث مع الطفل أحمد مناصرة، الذي تعرض للتعنيف والتهديد.
وأشار إلى أن قرار الاحتلال ليس مفاجئا، لأنه "مسيس، والقضاء الإسرائيلي جزء من المنظومة الأمنية الإسرائيلية وهو حامي هؤلاء المستوطنين".
وتابع بأن العائلة توجهت منذ البداية للقضاء الدولي، لكن عندما تقدمت له وجدت أنها لا تستطيع اللجوء إليه إلا بعد استنفاد جميع الإجراءات القانونية في دولة الاحتلال، مبيناً أن العائلة مضطرة للاستمرار في قضاء الاحتلال لاستنفاد جميع الطرق القانونية، وبعدها تتجه للقضاء الدولي.
وقال: "نحن لا نؤمن بالقضاء الإسرائيلي منذ البداية، وكنا متوقعين هذا الأمر".
من جهته، قال الحقوقي غاندي ربعي، قضاء الاحتلال "شكلي، ومن يعتقد أن الجلاد سيكون له محكمة لمصلحة الضحايا هو بالتأكيد مخطئ".
وأوضح لصحيفة "فلسطين"، فيما يتعلق بالقضايا التي يرتكبها جنود الاحتلال ومستوطنوه أن قضاء الاحتلال ليس محايدا ولا نزيها، خصوصا أن بعض القضاة أنفسهم هم من المستوطنين.
وأشار ربعي، إلى أنه إذا جرت تسليط الضوء على نتائج "المحاكمات" التي تجري لجنود إسرائيليين فإنه من السهولة اكتشاف أنه لا توجد أحكام تدين القتلة بشكل فاعل، بما في ذلك مجزرة كفر قاسم سنة 1956، إذ تم الحكم شكليا على القتلة بقروش فقط بعد ارتكابهم مجزرة فظيعة، بينما هناك أحكام عالية ضد الفلسطينيين لمجرد الاشتباه بهم.
وبيّن ربعي أن بإمكان عائلة دوابشة التوجه للقضاء الدولي "لكن يجب أن يثبت له أن قضاء الاحتلال كان غير محايد، إذ إن القضاء الدولي مكمل وليس أصيلاً".
وتمم: "لا يجب التوجه للقضاء الإسرائيلي باعتباره صوريا لا يحاكم القتلة".
ونفذ مستوطنون محرقة عائلة دوابشة في قرية دوما جنوب نابلس في 31 يوليو/ تموز 2015، والتي راح ضحيتها الأب سعد دوابشة (32 عاما)، والأم ريهام (27 عاما)، والطفل الرضيع علي (18 شهرا)، وما زالت القضية أمام قضاء الاحتلال، فيما بقي الشاهد الوحيد على الجريمة الطفل أحمد الذي أكلت النيران من جسده.
وفي السياق، قال مدير عام مركز القدس للمساعدة القانونية عصام عاروري، إن توجه عائلة دوابشة المزمع للقضاء الدولي، جاء في سياق مؤشرات تبرئه قتلة ابنها من المستوطنين أو تخفيف العقوبة عليهم لأقصى درجة.
ونبه عاروري لـ"فلسطين"، إلى أن قضاء الاحتلال ذو سوابق وشواهد عدة في تبرئة القتلة والمجرمين بل والتواطؤ معهم كليًا بإخلاء ساحتهم من أي عقوبة، كما جرى مع قتلة الشهيد الطفل محمد أبو خضير، فيما أن ذلك كله يدفع بعائلة دوابشة بقوة للتوجه للجهات الدولية لإنصافها.
ولفت إلى أن عائلة دوابشة تتوجه بشكل فردي للقضاء الدولي الذي تمثله محكمة الجنايات الدولية، والمحاكم الوطنية في الدول الأوربية، غير أن ذلك يبقى "ضعيفا" في حال لم يرفد بمؤسسة حقوقية أو محامٍ ذي خبرة عريضة في هذا المجال.
وشدد عاروري على أن عدم إرفاد ملف عائلة دوابشة بالوثائق والشهادات المطلوبة، ودراستها بعناية من شأنه أن يجرد القضية من إمكانية نجاحها بإدانة القتلة وتجريمهم، سيما وأن الاحتلال سيستخدم بقوة كل الأوراق لعدم إدانة المجرمين عبر محاكمه.
ودعا إلى ضرورة التحلي بالصبر و"طول النفس"، في حال جرى تقدم فعلي لعائلة دوابشة لمحكمة الجنايات الدولية، وذلك لما تأخذه المحكمة من وقت طويل، وإجراءات معقدة، والانتقال من التحقيقات الأولية للمتقدمة.

