على إثر أزمة اقتصادية مرت بها إحدى الدول الشقيقة وبعد خروج محتجين على الأوضاع الاقتصادية التي وصلت إليها بلدهم قال زعيمها : المواطن معه كل الحق ولن أقبل أن يعاني أبناء بلدي، هذا التصريح هو احد المفاتيح الهامة التي تحتاجها الكثير من الدول العربية المزعزعة اقتصاديا لإصلاح أوضاعها وفلسطين من هذه الدول وأكثرها حاجة إلى مراعاة ظروف مواطنيها.
من غير المقبول أن يتحمل المواطن الفلسطيني نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة في ادارة دفة الحكم والاقتصاد، ومن غير المقبول ان يتحمل المواطن الفلسطيني الاتفاقات الاقتصادية السيئة التي أبرمت في سياق اتفاقية أوسلو السيئة، كما انه من غير المقبول ان يتحمل المواطن الفلسطيني تراكمات الفساد المالي التي أزكمت الأنوف وكشفت بعضها الجهات المختصة ومحاكم الفساد والتي تمثل رأس جبل الجليد وما خفي كان أعظم سواء ما تم اختلاسه في إطار العمل في السلطة الفلسطينية او قبل ذلك في إطار منظمة التحرير الفلسطينية او حتى ما تم اختلاسه من قبل مسئولين في منظمات غير حكومية وتتعامل بملايين الدولارات دون رقابة حازمة.
يقول احد المدافعين عن فشل نظام عربي شقيق : معاناة المواطنين مع رفع الأسعار أفضل بكثير من معاناة المواطنين مع مشاهد القتل التي تحدث كل يوم في بلاد عربية أخرى، ويغيب عن هذا السياسي الجاهل ان الأولى تؤدي غالبا إلى الثانية، فالاضطرابات السياسية غالبا ما تبدأ من الاضطرابات الاقتصادية والإصرار على الانتقال من فشل إلى فشل مع تحميل المواطنين تبعات تلك المسيرة الفاشلة يؤدي حتما الى ما لا تحمد عقباه.
واذا كانت بعض الدول العربية تعاني من الفقر فإن فلسطين وغزة بشكل خاص تعاني من حصار خانق واستهداف دولي وعربي، الضفة الغربية تعيش أوضاعا اقتصادية سيئة ولكن معاناتها لا تقارن بما تعانيه غزة، و هذا يعني ان مناطق السلطة الفلسطينية " الضفة وغزة" ليست على ما يرام ولن يكون بها استقرار ما لم تتغير فيها الأوضاع.
نحن نشغل انفسنا بصفقة القرن ومناكفات لا اول لها ولا آخر ،والاولى الا نضيع المزيد من الوقت ونلتفت الى اصلاح اوضاعنا الداخلية، فإن اصلحناها فلن تمر صفقة القرن ولا أي من المؤامرات التي تحاك ضد فلسطين واهلها، وسيفشلها شعبنا ولكن قبل ذلك لا بد لهذا الشعبان ينجو من الضغوط الداخلية .