وأنت تسير في شوارع غزة وأزقتها ترى الحياة في نفوس أبنائها، رغم كل آثار الحصار ومساعي الاحتلال لدفعها إلى الموت.
تنجح غزة كالعادة في أن تكون هي، لا أحد آخر، هي التي أثبتت للعالم كيف تواجه الكف المخرز، وكيف يصمد أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، أمام حصار مشدد مستمر منذ أكثر من 11 سنة على التوالي.
ثبتت غزة ولا تزال، على مبادئها، ومواقفها، فكان الهدف الوحيد الذي تحقق من حصارها هو: إعطاء العالم صورة إضافية عن حقيقة هذا الاحتلال الذي يخالف كل القوانين الدولية بحصاره الأبرياء في القطاع، ومنعهم من الحقوق الأساسية التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره.
صحيح أن آلاف الغزيين ارتقوا شهداء وأصيبوا خلال الأعوام الماضية، نتيجة للحروب العدوانية واستخدام الاحتلال للعنف ضدهم، وأن كثيرين لا يزالون بحاجة للسفر للعلاج بالخارج، أو الدراسة، أو غير ذلك، وأن كل الغزيين يواجهون يوميًّا آثار الحصار والعدوان على حياتهم، لكن صحيح أيضًا أن إرادتهم أقوى من الحديد.
الغزيون يستقبلون بعد أيام عيد الفطر السعيد، ويصنعون الأمل، أما الألم فسيصيب الاحتلال عاجلًا أو آجلًا، لأنه باطل، والباطل نهايته السقوط.
الاحتلال لا يملك شيئًا سوى الأسلحة الفتاكة، لكنه لم يمتلك ولن يمتلك يومًا قوة الحق، ولا الشرعية التي ينفيها عنه بكل اقتدار حتى أصغر طفل في العالم.
يتكافل الغزيون، ويتضامنون، ويتزاورون، ويبتسم كل منهم في وجه أخيه، ابتسامة الواثق بالحق، وابتسامة النصر الذي يتنفسونه كما يتنفسون الهواء.
تتعالى غزة على كل شيء، وتكمل المسيرة بالإرادة نفسها، حتى تصل إلى يوم يصلي فيه الغزيون صلاة العيد في المسجد الأقصى المبارك، عاصمة فلسطين الأبدية، عسى ذلك أن يكون قريبًا.