يعاني قطاع غزة من الفقر والبطالة وفقدان الأمل بحياة أفضل. ثمة رغبة لدى الشباب بالهجرة للخارج هربا من الفقر وطلبا للحياة، التي دمرها الحصار من ناحية، وعباس من ناحية أخرى. قطاع غزة يمتلك في شواطئه البحرية كميات كبيرة من الغاز الطبيعي ، التي يمكنها أن تنقل قطاع غزة إلى صف المصدرين للغاز، ومن البطالة إلى العمل والصناعة.
إن مشكلة السكان في قطاع غزة لا تقف عند الحصار والبطالة والفقر، بل تتجاوزها إلى مشكلة إهمال السلطة لتطوير قطاع غزة من خلال إهمال استغلال غاز المتوسط ، وتوظيف عائداته لإصلاح حياة السكان ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة ومنع هجرة الشباب.
لقد عاشت دولة الاحتلال عقوداً طويلة على الغاز والبترول المستورد من الخارج، لا سيما من مصر بعد كامب ديفيد، حتى إذا ما اكتشفت الغاز بكمياته الكبيرة في شواطئ المتوسط بادرت باستخراجه فوراً، وهو ما مكنها من دخول نادي المصدرين للغاز. ويوم أن عقدت ( إسرائيل) اتفاقية بيع الغاز مع مصر بقيمة خمسة عشر مليار دولار اعتبرت حكومتها ذلك اليوم يوم عيد للإسرائيليين٠
لست أدري لماذا لم تحرك السلطة ورقة الغاز لفترة طويلة، وظلت تعيش في أزقة المناكفات السياسية الداخلية، وتسترزق من المساعدات الدولية الضيقة والمنقطعة؟! بعد طول زمن وانقطاع عن الحديث سمعنا حديثا للسلطة عن الغاز٠ إن المعوقات التي تضعها دولة الاحتلال أمام استخراج غاز غزة لا تبرر إهمال السلطة لهذا المشروع الوطني الكبير، وإن مواجهة دولة الاحتلال في هذا الملف لا تقلّ أهمية عن الملفات الوطنية الآخرى٠
إن قضية الغاز في المياه الإقليمية لغزة قضية يجدر أن يجتمع على ضرورة استغلالها، ومناقشة أفضل الآليات من أجل البدء الفوري في تنفيذها ، وإفادة الكل الفلسطيني منها، فضلا عن الخبراء ورجال الاقتصاد.
إن غياب الرؤية الاقتصادية المنتجة عن قيادة السلطة الفلسطينية، يدل على ضعف الأداء الاقتصادي لها، في الوقت الذي تلجأ فيه رئاستها إلى إلقاء الموظفين على قارعة البطالة والتقاعد٠ إن إدارة الاقتصاد الوطني إدارة ناجحة لا تقوم على فصل الموظفين، أو إرسالهم إلى التقاعد المبكر رغما عن أنوفهم، بل يمكن أن تقوم من خلال المشاريع الكبرى كمشروع الغاز في غزة، إضافة إلى محاربة الفساد الإداري والمالي داخل مؤسسات الحكومة والسلطة٠
عشرون سنة أو أكثر لم تنجح فيها السلطة في إدارة ملف الاقتصاد الوطني. غزة مثلاً لم تشهد على مدى عشرين عاما أيّ مشروع اقتصادي كبير يسهم في تخفيف الفقر والبطالة، ولم تشهد أي نظام أو مشروع لبناء تنمية مستدامة رغم ما تلقته من أموال الدول المانحة والمساعدات العربية .