فلسطين أون لاين

​أسواق القدس العتيقة على خط النار

...
القدس المحتلة - مصطفى صبري

الحصار والملاحقة الضريبية وإجراءات شرطة الاحتلال الإسرائيلي التعسفية وبلدية الاحتلال بقيادة العنصري نير بركات، كلها تلاحق البلدة القديمة قلب القدس النابض، وتتبع كل زاوية وشبر منها، ومنها أسواقها.

سوق العطارين وسوق القطانين في البلدة القديمة أسواق تاريخية بنيت ضمن النظام الإسلامي القديم، خاصةً في العهد التركي، أغلقت العديد من المحال فيها أبوابها بسبب ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي، ولم يعد بمقدور أصحاب المحال مقاومة الحملات الضريبية الرامية إلى بيع المحال أو إغلاقها.

سوق القطانين ملاصقة للمسجد الأقصى، وتطل مباشرة على ساحاته وعلى قبة الصخرة المشرفة، تغلق محالها إجباريًّا نهاية كل شهر عبري حسب التقويم العبري، لوجود مسيرة لغلاة المستوطنين فيها، وأداء الصلوات التلمودية بداخلها.

تجار السوق قالوا لـ"فلسطين": "نحن في خط النار، لا يرحمنا الاحتلال، ولو لحظة واحدة، ففضلًا عن مسيرة المستوطنين هناك حملات ضريبية وملاحقات من قبل مخابرات الاحتلال الإسرائيلي".

التاجر عيسى أبو خضير قال: "سوق القطانين مستهدفة من قبل بلدية الاحتلال وغلاة المستوطنين معًا، والجمعيات الاستيطانية التي تريد أن تضع لها مكانًا في السوق لتكون قريبة من المسجد الأقصى وقبة الصخرة"، لافتًا إلى أنهم يصلون الليل بالنهار في الترغيب والترهيب كي يحصلوا على محال تجارية فيه.

وأضاف: "في شهر رمضان تشهد السوق حركة كبيرة في أيام الجمع وليلة القدر، وتزداد أعداد الوافدين من كل فلسطين داخل السوق الممتدة من طريق الواد حتى أول ساحات المسجد الأقصى من طريق درج دائري"، مشيرًا إلى أن مستوى السوق أقل من مستوى ساحات المسجد الأقصى.

تابع أبو خضير: "زينة السوق في شهر رمضان تكون مميزة جدًّا، وتكون شعلة من نور أو كتلة مضيئة، فنحن التجار فيها _بل قل ما تبقى من تجار_ نحرص على زينة مفرطة فيه، نكاية بالاحتلال ومستوطنيه، فالزينة نوع من أنواع إثبات الوجود".

والتاجر عصام العمري من شعفاط البلد رأى أن سوق القطانين أصبحت في دائرة الاستهداف وهناك مخطط قادم ضدها، بتجفيف المحال فيه، فإذا غابت المحال عنها تصبح مهجورة كما فعل الاحتلال بالمحال التجارية في البلدة القديمة.

وبين أن المحال التجارية في البلدة القديمة أغلقها أصحابها بعد تجفيف منابعها ومنع قدوم المتسوقين إليها، مشيرًا إلى أن إغلاق القدس بالجدار وحصار البلدة القديمة من الخارج جعلا أسواق البلدة القديمة _وأهمها سوق القطانين_ شبه فارغة في غير المواسم والجمع.

وعلى بعد مئات الأمتار من سوق القطانين باتجاه كنيسة القيامة تقع سوق العطارين التاريخية العريقة بمحالها وتاريخها الذي يعود إلى العهد المملوكي، وتنتشر فيها رائحة التوابل ومحال الزخرفة والقماش.

التجار حافظوا على التراث التاريخي في السوق، فتراهم يعرضون بضاعتهم للمجموعات السياحية، ويحرصون على أن تكون محالهم مليئة، بالرغم من تربص طاقم الضريبة التابع للاحتلال الإسرائيلي.

فادي الهدمي مدير الغرفة التجارية في القدس المحتلة قال: "أسواق القدس تراجعت كثيرًا بعد احتلال المدينة"، مشددًا على أنها في المدة الأخيرة (بعد إقامة الجدار) أصبح التراجع خطيرًا لا يتصوره العقل، فالاحتلال بكل الأذرع التي يملكها أمنيًّا وسياسيًّا واستيطانيًّا يمارس سطوته، ما أدى إلى إغلاق الكثير منها، والسيطرة على العديد منها، في صفقات بيع مشبوهة وباطلة.

وأضاف: "أسواق القدس التاريخية تساعد على الصمود؛ فدون اقتصاد ينهار الصمود، وعلى الدول العربية والإسلامية تفعيل آليات تنقذ القدس وأهلها واقتصادها".