فلسطين أون لاين

الديون واحتياجات المنزل تقلقان منامه ليل نهار

...
​غزة/ هدى الدلو:

تلك الجدران الصماء التي تنصت إلى شكواهم دون كلل أو ملل هي وحدها من تستر هذه العائلة المتعففة، ولعل الظلمة والعتمة التي تحتل البيت وتسيطر عليه ليل نهار كانت وسيلة للهروب من ملامح الشكوى المرسومة على وجوههم، والنظرات التي تحمل الفقر والوجع، "كل واحد فيه ما يكفيه"، رغم أنه لا شيء يخفى عليهم، لكن عندما تتفتح الجروح يزيد الألم.

عائلة المواطن "أ. ق" مكونة من تسعة أفراد، وتقطن في بيت بالإيجار، تبلغ تكلفة إيجاره 600 شيكل، غير تكلفة فاتورة الكهرباء، قالت الزوجة: "ينشف دمنا لتأمين الإيجار الشهري خوفًا من طردنا في يوم ما، ولا نعرف أين نأوي ونعيش، فسيكون حينها ملجأنا الوحيد الشارع".

فكلما توافر لها مال _ولو 50 شيكلًا أو 100 شيكل_ اتصلت على صاحب البيت، الذي خطت رقم هاتفه على الحائط، لتسلم إليه المبلغ، ولو كان بسيطًا، ليصبر عليها في حال تأزم وضعهم المادي أكثر مما هو عليه.

أما رب العائلة فقد بدأ يغزو شعره الشيب من حالة الهم والغم التي يعيش فيها، فلا ينام ليله ولا نهاره وهو يفكر في كيفية تأمين عيشة كريمة لأبنائه، خاصة بعدما فقد عمله عاملًا بسبب الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، ووضعه الصحي الصعب؛ فقد أصيب بمضاعفات في رجله، بسبب وقفته الطويلة، أجري له على إثرها عمليتان جراحيتان.

بصوتٍ حزين قال: "لا أستطيع تلبية احتياجات أبنائي، ومستلزمات بيتي، أشعر بخجل منهم لعدم قدرتي على توفير ما يطلبونه مني، نعيش على المساعدات وأهل الخير والجمعيات الخيرية التي تتفقدنا من وقت إلى آخر".

قاطعته زوجته التي بدأت تشرح عن وضع البيت، فقالت وهي تشير بيدها: "البيت على حاله منذ ثمانية أعوام، لم نستطع أن نجدد فيه شيئًا، مع أنه بحاجة إلى الكثير من التعديلات والصيانة، فلا مكان مهيأ لاستقبال الضيوف، فالبيت يخلو من الكراسي البلاستيكية، والثلاجة لا تعمل، والغاز معطل، والغسالة على حافة الانهيار".

أكملت حديثها: "الوضع تحت الصفر، ونقضي معظم أيامنا على الخبز والدقة، أي شيء يسد جوعنا"، وكثيرًا ما تضطر إلى الطلب من أقاربها أو جيرانها، ولكن تلجأ إلى ذلك في حال وصل التقشف وسوء الوضع إلى طريق مسدود.

يتقاضون 1500 شيكل من شيك الشئون الاجتماعية، ولكن مع العقوبات المفروضة على القطاع حرمت هذه العائلة تسلمه منذ ما يقارب أكثر من خمسة أشهر، ما زاد من سوء أوضاعها المعيشية والاقتصادية، هذا فضلًا عن الدين المتراكم على كاهلهم الذي يبلغ ألفي شيكل.

كان لدى أبنائها "بسطة" يسترزقون منها، ولكن الوضع السائد في غزة أدى إلى إغلاقها وأصبحوا عاطلين عن العمل، وأكثر ما يؤلم الأب ويوجع قلبه عندما يسمع بناته يتحدثون فيما بينهن عن أشياء بسيطة يتمنين امتلاكها كباقي الفتيات.

وبعد تنهيدة طويلة خرجت من صدر الأم قالت: "لعل شهر رمضان يأتي ويحمل في نفحاته وأيامه فرجًا لحالنا وحال كل الفقراء المستورين، وأن يرزق أبنائي مشروعًا صغيرًا ليستطيعوا تحصيل قوت يومهم".