تمثل العشر الأواخر من رمضان فرصة أخيرة أمامنا لمحاولة تعويض ما فاتنا من بداية الشهر، ففيها يمكن تكثيف الجهد وشحن الطاقة بالعبادة، والصدقات، وعمل الخيرات، والأذكار، والاعتكاف في المساجد.
«كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره» (رواه مسلم)، فكان يحيي الليل فيها، من صلاة ودعاء واستغفار ونحوه، كما جاء في حديث عائشة (رضي الله عنها): «كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر» (متفق عليه).
إن الفرصة الأخيرة تعني أنه يمكن تدارك ما فات من تقصير، وتعويض ذلك؛ فأمامنا عشرة أيام يمكننا الخروج منها بنتيجة مرضية لنا وحصاد كبير ينفعنا مستقبلًا، إن وضعت جدولًا خاصًّا، تركز فيه على العبادات وحصد الحسنات بفعل الخيرات بمختلف أنواعها.
وهنا _يا للأسف!_ يشغل الناس في العشر الأواخر ويستنزف الوقت نزول الأسواق والاستعداد إلى العيد باشتراء الملابس، وهنا أنصح الأهالي باختصار الوقت في نهار يوم واحد لإنجاز هذا الأمر، وعدم استهلاك العشر الأواخر في التسوق، وكذلك يجب الابتعاد عن كل البرامج التلفزيونية، والتقليل من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لأننا بالفعل أمام فرصة أخيرة لمن قصر.
ومن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في العشر الأواخر أنه كان يتحرى ليلة القدر، والله (سبحانه) سماها ليلة القدر لعظيم قدرها وشرفها وجلالة مكانتها عنده، ولكثرة مغفرة الذنوب وشد العيوب فيها، ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها، فالاعتكاف في ليالي العشر الأواخر هو أكثر ما يجب المحافظة عليه، لعظيم أجره ولإدراك ليلة القدر.