فلسطين أون لاين

​رحلة الإخفاق نحو مائدة الإفطار

...
خان يونس - أحمد المصري

ما إن تميل الشمس عصرًا حتى يبدأ سمكري السيارات عبد الرحمن عبد الهادي محاولة تشطيب ما بيده من أعمال والطلب ممن يساعده ذلك، في محاولة للعودة للمنزل والإفطار كلٌ بين أفراد عائلته لما له من طعم وسعادة في القلب، غير أن الرياح لا تأتي دائمًا بما تشتهي السفن.

مرات عدة يقضيها السمكري عبد الهادي وهو بين جنبات ورشته بحكم عَجلةِ الزبون ورغبته في تسلم سيارته، أو "عصلجة" أي أركانها من سرعة الإصلاح، فعلى وقع صوت أذان المغرب يكون ما بين طرق الحديد، أو داخل حفرة لِحام أسفل السيارة المعطلة بأصبع الأكسجين اللاهب.

ويخشى عبد الهادي كما يبدي لـ"فلسطين"، من سرعة يده الزائدة أو أي من عماله في سمكرة سيارات الزبون وإصلاحها، بما لا يصل إلى الجودة المطلوبة التي اعتاد العمل عليها، فـ"يضرب" سمعته في هذا المجال بحديث سائق السيارة نفسه لأقرانه السائقين.

وعلى عتبة الرضا والاستسلام الكامل يكمل عبد الهادي عمله ليختمه بأجمل صورة، يرسم بها الابتسامة على وجنتي صاحب السيارة، والتي مع خرابها وعطلها كأنما جُمع كل عبث الدنيا على محياه وكاهله.

وعلى شربة ماء وتمرات قليلة في بعض الأحيان يكون الإفطار في الشهر الفضيل، غير أنه إفطار تنقصه جمعة أطفاله وفرحتهم بوجوده بينهم على متن سفرة طعام واحدة، فهو مشهد اعتاده منذ أن بدأت رحلته في هذا العمل قبل أكثر من 20 عامًا.

وما إن ينتهي عبد الهادي من عمله ويستقل بعدها سيارته ويصل بيته حتى تذوب كل أثقال التعب عن كاهله، وترخى ستائر السعادة عليه وكذلك على وجنتي أطفاله وزوجته، والذين تبدأ مراسم الإفطار لديهم والجمعة من جديد.

يشير إلى أن مهنته وإن فرضت عليه الإفطار في كامل أيام شهر رمضان خارج المنزل، فلن يقابله إلا بالرضا، فبذلك يحصل الرزق والذي يضمن قوت وسعادة أطفاله وضمان استمرار عمله في ظل الواقع الاقتصادي الصعب والذي يعاني منه القطاع بشكل عام منذ سنوات طوال بسبب حصار الاحتلال الإسرائيلي.