فلسطين أون لاين

"معاريف": أصبحت تشكّل كارثة لـ(إسرائيل)

"الطائرات الورقية".. كابوس يلاحق الاحتلال ويتحدى التكنولوجيا المتطورة

...
شبان يطلقون طائرة ورقية خلال مشاركتهم في مسيرة العودة شرق خانيونس (تصوير / رمضان الأغا)
غزة - نور الدين صالح

باتت الطائرات الورقية الحارقة التي يطلقها الشباب الثائر المشارك في مسيرة العودة وكسر الحصار، نحو المستوطنات والمواقع العسكرية الواقعة خلف السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 1948م، مصدر قلق يؤرق المستوطنين وقيادة الاحتلال على الصعيدين السياسي والعسكري.

وتصف صحف ومواقع عبرية، الطائرات الحارقة، بـ"الكارثة"، فيما تبذل قيادة الاحتلال قصارى جهدها لمواجهة هذه الطائرات الصغيرة، عبر استخدام الوسائل المتاحة لديها ورصد الميزانيات الضخمة للقضاء على هذه الظاهرة التي كبّدته خسائر كبيرة.

خيارات عدة طرحها جيش الاحتلال للتعامل مع هذه الطائرات بعد فشل منظومته التكنولوجية في ردعها، منها نشر وحدة خاصة من القناصة، أو استخدام طائرات بدون طيار، أو إطلاق النار على من يطلقها من قطاع غزة، وصولاً إلى خصم أضرار الطائرات الورقية من أموال السلطة، وفق القناة العاشرة.

عضو الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار ماهر مزهر، أكد أنه من حق الشعب الفلسطيني أن يستخدم كل أشكال النضال الوطني ضد الاحتلال، مثمناً فكرة ابتكار الطائرات الورقية الحارقة.

وقال مزهر لـ "فلسطين"، إننا نعول على الشباب الثائر باتجاه خلق المزيد من الابداعات من أجل رفع كلفة الاحتلال وتكبيده الخسائر، معتبراً الطائرات الورقية رسالة "لكل قطعان المستوطنين بأن شعبنا مستمر في نضاله حتى تحقيق أحلامه في طرد الاحتلال عن أرضه".

وتقوم "الطائرة الورقية" بعد تصنعيها من عيدان الخشب وأكياس النايلون، على اختيار الشبان منطقة قريبة من السياج الفاصل، ثم إشعال النار في "الحارقة" المثبتة بذيلها، وتوجيهها بالخيوط إلى أراضٍ زراعية قريبة من مواقع عسكرية إسرائيلية، ثم قطع الخيط، فتسقط "الطائرة الحارقة" وتشعل النيران في المكان الذي تسقط فيه.

وأكد دعم الهيئة لهذه الأشكال النضالية، مشيراً إلى أنها ستوفر للشباب كل الامكانيات المتاحة من أجل الاستمرار في هذه المسيرات.

وعن خطوة الاحتلال بتعويض خسائر الطائرات الورقية من أموال السلطة، علّق مزهر، "السلطة تحاصر غزة وتمنع عنها المأكل والمشرب واليوم نتنياهو يعاقبها، وغزة لها من ينتصر لها".

وعد هذه الخطوة "رسالة لقيادة السلطة بأن تتحمل مسؤولياتها تجاه غزة وتدفع باتجاه رفع الإجراءات العقابية، والعمل على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني".

وقلل مزهر من تهديدات قادة الاحتلال للهيئة الوطنية العليا، مشددا على أن هذه التهديدات لن تثني شعبنا عن مواصلة الطريق والاستمرار في النضال حتى تحقيق حق العودة للأراضي المحتلة.

ضغط معنوي

ورأى المختص في الشأن الإسرائيلي حاتم أبو زايدة، أن الطائرات الورقية أصبحت تشكل ضغطاً معنوياً وسياسياً على قيادة الاحتلال، سيّما أنها تقر بأن الحراك الشعبي تمكن من النيل من هيبة (إسرائيل) ووضعها في موقف محرج.

وبيّن أبو زايدة خلال حديثه مع "فلسطين"، أن (اسرائيل) تحاول القضاء على هذه الظاهرة لكنها فشلت، وهو ما يدفعها لابتكار وسائل جديدة لإنهائها بشكل جذري، مستبعدا في الوقت ذاته، أن تجدي محاولات الاحتلال ومن بينها الضغط على السلطة نفعاً أو تشكل رادعاً للشبان الثائرين في مواصلة استخدام الطائرات الورقية.

وفي ظل الأجواء التي يعيشها قطاع غزة في الوقت الراهن الذي يشوبه الهدوء الحذر، فإن أبو زايدة يتوقع لجوء الاحتلال لخيارين لمنع هذه الطائرات والقضاء على مسيرة العودة كلياً.

ويتمثل الخيار الأول وفقاً لأبو زايدة، بأن تلجأ (اسرائيل) لتوجيه ضربة كبيرة لقطاع غزة، بحيث توقع خسائر كبيرة في صفوف الشعب الفلسطيني، لإنهاء حراك مسيرة العودة كلياً.

ويكمن الخيار الثاني، في التوجه للتوصل إلى تهدئة الأوضاع واتفاقية هدنة، تعيد منطقة الحدود لما قبل 30 مايو، حسب توقعه.

"كارثة"

وفي السياق، وصف الصحفي الإسرائيلي "طال ليف رام"، الوضع في محيط غزة بأنه صار بالنسبة لـ(إسرائيل) "كارثة"، والسبب الرئيس لهذه "الكارثة"، تآكل قدرة الردع الإسرائيلية في نظر الفلسطينيين في غزة، حسب وصف الكاتب.

ويقول "رام"، إن كلمة "ردع"، باتت الكلمة المرتبطة بالوضع المتوتر بين غزة و(إسرائيل). فحين تسود حالة الهدوء، تقول حكومة بنيامين نتنياهو إن سبب ذلك هو قوة "الردع" الإسرائيلية، ولكن عندما تتفجر الأوضاع تدعي الحكومة أن "الأزمة في غزة تجبر حماس على الدخول في تصعيد، رغم أن الحركة ليست معنية به.. ومن يقوم بهذا التصعيد هو تنظيمات صغيرة أخرى".

ويضيف "بهذا يملأ المسؤولون الإسرائيليون السياسيون والأمنيون أسماعنا عبر وسائل الإعلام".

لكن الواقع أن "(إسرائيل) وجيشها لم يقوما في السنوات الأخيرة بتحليل سياساتهم تجاه العدو في غزة، أما حماس فأعادت النظر في نهجها وسلكت مع باقي الفصائل الفلسطينية نهجا جديدا، فصعدت من العمليات على امتداد السياج، ثم تحولت بسرعة إلى إطلاق الصواريخ والقذائف في غلاف غزة".

ورغم التغيير في نهج حماس، بقيت السياسة الإسرائيلية تجاه غزة غير واضحة، وانجرت إلى لعبة بقوانين وضعها غيرها.

وأشار الصحفي في صحيفة "معاريف" العبرية إلى أنه خلال الأربع سنوات الماضية لم تقم (إسرائيل) بأية خطوات للتخفيف من الأزمة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، رغم وجهة النظر القائلة إن في تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني في غزة مصلحة إسرائيلية أيضا.

وأشار إلى خطر الطائرات الحارقة التي تسببت بحرق آلاف الدونمات، ومنعت حركة السير العادية في طرق معينة بسبب الحرائق، حتى وصل الأمر إلى وقف حركة القطارات.

واستدرك: "(إسرائيل) رغم تهديداتها وغاراتها على غزة لم تتمكن من إيجاد حل عسكري للوضع، ولا حل تكنولوجي لاعتراض الطائرات الورقية، في الوقت ذاته فشلت في وضع سياسة للتعامل مع القطاع، بما قد يضمن استمرار الهدوء الذي دام أربع سنوات".