استشهاد ملاك الرحمة، المسعفة رزان النجار، أوجع وآلم الفلسطينيين، وكل حر وشريف في هذا العالم، فرزان قدرها أن تكون الشهيدة الوحيدة في يوم الجمعة الثالثة من شهر رمضان الكريم، لتتكرم من فوق سبع سموات بنيل الشهادة.
أوجعنا استشهاد رزان؛ وأصابنا في مقتل، كما أوجعنا ارتقاء كل الشهداء، فمنهم الاطفال ومنهم الشباب، وكل الكلمات والعبارات لا تساوي قطرة من دمائها الزكية، ودماء الشهداء الآخرين، والسخط والغضب لمقتلها يكون باحترام دمائها، بمواصلة دربها، ومقاومة الاحتلال، وطي صفحة الانقسام ورفع الضغوط عن غزة.
عرس الشهادة بخروج هذا الكم الهادر والأمواج البشرية لتشييع جثمان الشهيدة رزان، دليل عن ان هذا المسار هو الصحيح ويلقى اقبالا كبيرا من الشعب الفلسطيني، فالتضحيات لنيل الحرية لا بد منها، ومن ينتظر حريته على طبق من ذهب يغالط التاريخ ويضحك على حاله، وسيلعنه التاريخ.
من قال إن ما يجري من مسيرات سلمية في غزة هي مقامرة، كلامه غير صحيح، فلا يمكن أن نحمل الضحية وزر ذبحها ونبرئ القاتل، ولا يوجد قتل في مسيرات سلمية إلا عند الاحتلال فقط كونه محميًّا من قبل أمريكا من الملاحقة، ولكن هذا لن يدوم فالأيام دول.
تصارع القوى على تبني الشهداء ومن بينهم الشهيدة رزان هو حالة صحية وطبيعية، لكن يبقى أن على من يريد أن يتبنى الشهداء أن يتبع خطاهم، فإكرام الشهيد بمتابعة خطواته حتى التحرير، ومن لديه نفس قصير لا يصح أن يقود دفة السفينة، فالسفينة بحاجة لنفس طويل، فالمسير طويل والزاد قليل، وعلى قصار النفس أن يتنحوا جانبًا.
رزان كانت قد دأبت على مداواة جروح المصابين في الصفوف الأمامية من المسيرات السلمية في الذكرى الـ70 للنكبة، لم تقترف جرما ولا ذنبا، سوى حبها لوطنها وعملها في خدمة انسانية طبية تحميها كل شرائع وقوانين العالم إلا عند الاحتلال، فلا مجال للإنسانية أو ما تعارفت عليه البشرية من حرمة قتل الطواقم الطبية العاملة في الميدان.
في كل مرة وللضحك على الرأي العام المحلي والعالمي يسارع جيش الاحتلال للإعلان أنه سيفتح تحقيقا حول قتل أطفال أو مسعفين، حيث أعلن أنه سيحقق في ملابسات قتل رزان برصاص قناصة الاحتلال خلال فعاليات الجمعة التاسعة من مسيرة العودة بغزة.
ولتبرير جريمته زعم جيش الاحتلال أن مسلحين فلسطينيين أطلقوا النار وهاجموا قواته على طول السياج الأمني بالرصاص وقنبلة يدوية، وهي مزاعم ما عادت تنطلي على أحد، حيث صار ديدن الاحتلال التفنن في الأكاذيب لتضليل الرأي العام العالمي.
من يظن أن الاحتلال سيفلت من جرائم القتل، وأن يد العدالة لن تطاله، والتي كان آخرها قتل 60 متظاهرًا في يوم واحد، يوم الاثنين 1452018 بذكرى النكبة، فقد أساء الظن بالله، ولا يفهم قوانين وسنن الكون، التي قضت بزوال الطارئ الدخيل وبقاء الأصيل المتجذر.