في مثل هذه الأيام من شهر رمضان في الثالث والعشرين من أغسطس (1944م= 1336ه), من يوم الأربعاء, كانت وفاة الخليفة العثماني عبد الحميد الثاني في منفاه في باريس عن عمر ناهز 76 عامًا, بعد أن قضى 20 عامًا في المنفى بعد إلغاء الخلافة العثمانية, وطرده من تركيا, حيث دُفن الخليفة عبد الحميد في المدينة المنورة.
هذا الخليفة العثماني هو جدير أن نتحدث عنه, ونكتب فيه الأبحاث والمقالات ونقدم عنه المحاضرات, نعم هذا الخليفة الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه, لأن اسمه اقترن بالقدس وفلسطين, فكل من يقف مع القدس وفلسطين يرتفع ذكره.
فلقد تصدى هذا الخليفة لعشرات المحاولات من قبل الصهاينة وأوروبا للسيطرة على أجزاء من فلسطين.
فلو تتبعنا مع التاريخ محاولات الصهاينة وأوروبا للسيطرة على فلسطين ستجد في عام 1840م وجه اللورد "بالمرستون" وزير خارجية بريطانيا في حينه؛ رسالة إلى سفيره في إسطنبول يطالبه ببحث قضية توطين اليهود في فلسطين مع السلطان العثماني, ويطلب منه تقديم إغراءات كبيرة للعثمانيين.
وفي عام 1841م, أرسل بالمرستون رسالة أخرى إلى سفيره في الأستانة يطلب منه إقناع السلطان العثماني بكل الطرق لتنفيذ توطين اليهود في جزء من فلسطين, وفي عام 1882م عندما أصبح عبد الحميد سلطانًا للدولة العثمانية, حاولت أمريكا بكل السبل تحويل هجرة اليهود عن أمريكا إلى الدولة العثمانية, وخاصة فلسطين, ولكنها أخفقت أمام تصلب وإيمان السلطان عبد الحميد بقدسية أرض فلسطين.
وحاولت بريطانيا محاولة أخرى عام 1887م, من أجل تنفيذ هذا المشروع, ولكنها فشلت أمام إصرار السلطان عبد الحميد, وفي عام 1896م, حاول ثيودور هرتزل إقناع السلطان عبد الحميد عن طريق القيصر الألماني "غليوم", ولكن الوثائق تقول أن القيصر لم يجرؤ على فتح الموضوع مع السلطان عبد الحميد؛ لأنه يعرف موقفه من فلسطين جيدًا.
كما حاول هرتزل محاولة أخرى عن طريق القيصر الألماني "غليوم الثاني" عام 1901م, عندما زار الدولة العثمانية ولكن هذه المحاولة فشلت أيضًا, وبعد ذلك قررت الحركة الصهيونية العمل تحت شعار "ما حك جلدك مثل ظفرك", وقرروا الوصول للسلطان عبد الحميد وتقديم إغراءات كبيرة له من أجل الموافقة على إعطائهم موطئ قدم في فلسطين.
السؤال: ماذا عرض هؤلاء؟ وماذا كان رد السلطان عبد الحميد؟ (تابعونا في المقال القادم).