فلسطين أون لاين

​زهير: خالد شكرًا لأنك في حياتي

...
زهير ملاخة
غزة - مريم الشوبكي

لم أكن أعرفه ولكن طيب كلامه أسر قلبي وجعلني أتعلق به، كان بمثابة المرشد والموجه الذي يقدم النُصح بنبرة "أبوية" حانية، على يديه تعلمت كيف أقرأ القرآن وأحفظه، وفي "الفضفضة" أجده يستمع لي باهتمام يزيل الثقل عن صدري.

كان زهير ملاخة الطالب في الصف العاشر، وهو صاحب الصوت الندي الخاشع الذي يعلم الفتية حفظ القرآن، جذبت لصوته ولم أكن أعرفه بعد، وبعدها أصبحت مداوما على حلقاته القرآنية فتعرفت على "خالد" الذي أصبح صديقا مقربا لي حتى اليوم.

فارق السنين العشر لم يكن حاجزا أمام تكوّن روابط صداقتنا، خالد برجاحة عقله استطاع أن يحتويني وأنا الشاب اليافع الذي كنت في درجات نضجي الأولى في العلم والحياة والدين أيضا، ومع مرور سنوات التقارب بيننا أصبح سندي في النصح وقدوتي في الدراسة الجامعية أيضا.

أصبح خالد مدرسا للتربية الإسلامية في مدرسة المغازي، كبرت وأنهيت دراسة الثانوية العامة وعيناي ترنوان للجامعة تمنيت أن أصبح مثله كان متفوقا في دراسته، ملتزما في مجتمعه، وماهرا في صفاته وسلوكه.

سنوات كانت تمر ومعها تكبر علاقتي بـ"خالد" الذي أكمل الدراسات العليا في الماجستير بالصحة النفسية والتي تخصصت بها في دراستي الجامعية، لحبي الشديد له، وكان حريصًا جدًّا على نصحي وتوجيهي، وأصبح هو بمثابة الركن الذي أستمد منه القوة والنصح والتوجيه والعزيمة.

لا زالت كلماته التشجيعية "ترن" في أذني "انتبه على دراستك يا زهير.. لازم تصير وتتصور"، وكان لـ "خالد" ما أراد مني، فقد اجتهدت في دراستي وعملت في مجتمعي، وكان دوما خالد أمام عيني نموذجا يحتذى به بخلقه وثقافته وذكائه وقوة حجته وعلاقته الحميمية بوالديه.

مع مرور الزمن تتبدل الظروف وتتغير، وهذا حال البشر فانتقل "خالد" من منزل إلى آخر، ومن عمل إلى آخر، وقلّت فرص الالتقاء به على الدوام، إلا أنه باقٍ بداخلي معلما وقدوة وناصحا. وقربي من "خالد" صقل شخصيتي وبلورها فمنه تعلمت معاني التنافس، والعلا، والكرامة، والشجاعة ورفض الدنية أو الخنوع أو الاتباع الأعمى.

حتى أنني أتذكر يوم فرحي والذي شاركني فيه كأخ كبير، كنت فخورا فرحا به، وصممت أن يعلن إشهاري في يوم زفافي ليزيدني بهجة وسرورًا، فكان صوته العذب يبرق آيات الفرح والتهاني ولا زلت أتذكر كلمته المشهورة عندما قال "هذا هو اليافاوي" ويقصدني بذلك.

دروس الحياة كانت معنونة به رغم أنه ليس المدرسة الأولى لي في هذه الحياة، بل سبقه إلى ذلك والدي، لكنه كان صاحب الأصول لمواجهة الحياة، أخي وصديقي "خالد" علمني معني الصبر والقوة والتقوى على الشدائد.

وحتى يومنا هذا لا أنفك عن الإتيان بسيرة "خالد" عند مجالستي لأطفالي، أتمنى لذلك الحبيب حياة ملؤها الخير والسعادة فهو صاحب فضل وأثر حسن في شخصيتي وحياتي، فشكرا لأنك في حياتي.