ظل عنترة بن شداد يحفر الأنفاق، ويتدرب على السلاح، ويحشد القوة ليل نهار، حتى صار ندًا للأعداء، وصار قادرًا على قصف تل أبيب.
وظل شداد العبسي يرفض الاعتراف بقوة عنترة، وبقدرته على المقاومة، وظل شداد العبسي مقتنعًا بالمفاوضات مع العدو، ويتنكر لنسب عنترة إليه، فهو ابن جارية، ولن يسمح بأن يكون وريثه، ويتمم مسيرة التحرير من بعده
وفي يوم كرامة وعزة، تعرض قوم شداد العبسي إلى الغزو، وانتهك الأعداء ديارهم، واغتصب المستوطنون الصهاينة أرضهم، وقتها استنجد شداد العبسي بالمقاومة، وتوسل لسيف عنترة العبسي كي يصد جبروت الأعداء، وأن يحمي صبايا القبيلة من السبي والاغتصاب.
كان شداد العبسي وطنيًا بامتياز، فلم يكابر، ولم يصف مقاومة عنترة بالعبثية، لقد أدرك شداد العبسي بأن لا قيمة له دون الوطن، وأدرك أهمية الدفاع عنه، حتى ولو كان المدافع عن فلسطين هذا العبد العبسي عنترة بن الجارية زبيدة.
وكان عنترة وطنيًا بامتياز، فلم يطلب عنترة من زعيم بني عبس غير الاعتراف به ابنًا شرعيًا للقبيلة، لم يطلب عنترة بن شداد إلا المشاركة في القرار، لم يطلب عنترة من قبيلة عبس غير الوحدة الوطنية، وتجريد السيوف لملاقاة الأعداء، لم يطلب عنترة بن شداد غير وقف التعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية.
لقد ارتبك بنو عبس، وأحسوا بالضائقة، وأدركوا أنهم تحت رحمة سيف الأعداء إن لم يستعينوا بسيف عنترة، فصرخوا في وجه شداد، اعترف بالمقاومة الفلسطينية يا شداد، استثمر قوة عنترة، اعترف بالسيف سيدًا في زمن غياب القيم والمبادئ.
وفي لحظة اعتراف بالحقيقة، أمسك شداد بتلابيب عنترة، وهزه بقوة، وضمه إلى صدره، وهو يقول له: أنا أبوك، أنت عنترة بن شداد، انطلق يا عنترة، أشهر سيفك، وقاتل عدونا، نحن نفتخر بقوتك، وسنحفظ قدرك، وستجلس معنا في صدر الديوان، من اليوم أنت عنترة بن شداد، وسيفك سيف قبيلة عبس كلها، وصواريخك لنا، وأنفاقك لنا، وقذائفك تدك عدونا، ومقاومتك شرفنا، نحن حضنك يا عنترة، ولن يرتفع رأسنا إلا بسيفك المشهر في وجه الصهاينة، أنت يا عنترة بن شداد حامي حمى الوطن، ودون سيفك لن يتوقف المستوطنون عن اغتصاب أرض فلسطين، واحتقار الإنسان الفلسطيني.
كان شداد العبسي عاقلًا وحكيمًا ورزينًا حين احتضن قوة عنترة، ونسبها إليه، كان شداد وطنيًا حين اتكأ على سيف عنترة، فمصلحة الوطن أهم لديه من مصالحه الشخصية، والدفاع عن فلسطين لن يتم دون سيف المقاومة، التي هي الابن الشرعي لهذا الشعب الفلسطيني.
ابتسم عنترة بن شداد، وانقض بمقاومته على الأعداء الصهاينة، وهو يغني لحبيبته عبلة:
هلا سَألتِ القدسَ يا ابنةَ بيت لحمْ، إن كنتِ جاهلةً بما لا تَعلمِ
يُخبركِ من شَهدَ الوقيعةَ أنني؛ أغشى الوغى وأعفُّ عندَ المَغنمِ