أكثر من عقد من الزمان وقطاع غزة محاصر لا لشيء إلا لأنه اختار من يمثله في انتخابات نزيهة وشفافة، واختار من يرفض منهاج التسوية والمساومة والتنازل عن ثلاثة أرباع الوطن أو يزيد؛ أي أن الحصار كان نتيجة لممارسة الديمقراطية التي يدعي المجتمع الدولي تمسكه بها، وتدعي الولايات المتحدة الأمريكية بأنها تسعى لنشرها في ربوع الوطن العربي، ثم اتضح أن الديمقراطية لا تجلب السعادة وإنما تجلب الحصار والحروب والدماء، فما الذي ينتظره المجتمع الدولي بعد ذلك؟ المزيد من الديمقراطية والمزيد من الحصار والدمار؟ أم يريد مجتمعات متطرفة لا علاقة لها بالعقل ولا بالمنطق وتكره كل ما هو غربي؟
الخيارات كلها مفتوحة أمام شعبنا الفلسطيني ولكن ليس من بينها الاستسلام للإحلال والخضوع لإملاءات المجتمع الدولي الظالم ومن دار في فلكهم من أنظمة عربية منبطحة. أكثر من عشر سنوات وغزة محاصرة فما الذي قدمه المجتمع الدولي لإنقاذها؟ ما الذي قدمته الدول العربية لرفع الحصار عن غزة؟ بل على العكس فقد ساهمت أطراف عربية بحصار غزة وسكتت عن موت الآلاف من أبنائها سواء بالسلاح الإسرائيلي الأمريكي أو بالجوع والمرض والقهر، وهذا الوضع لم يعد يحتمله سكان قطاع غزة ولا مقاومته ولا أي مراقب يملك ذرة من ضمير، وطالما الأمر كذلك فلا بد للفلسطينيين أن يتحركوا لرفع كل أشكال الظلم عن أنفسهم بالطريقة التي يرونها مناسبة مستخدمين كافة أشكال المقاومة المتاحة.
في قمة الاشتباك مع العدو الإسرائيلي أول من أمس استنكرت السلطة الفلسطينية الاعتداء على قطاع غزة ولكنها لم تبادر إلى إصدار قرار رفع العقوبات عن قطاع غزة ولكنها اكتفت بمطالبة حركة حماس بتمكين الحكومة، وأنا أعتقد أنه لم يكن قرارًا يتناسب مع الحدث وخاصة أن قيادات في منظمة التحرير "بشرت" شعبنا بأن قرارات إيجابية سيتم اتخاذها لصالح قطاع غزة ولو تم الأمر لحصدت منظمة التحرير الكثير من التعاطف معها ولكن يبدو أنها لم تعد تهتم لشعبيتها أو أن الانتخابات لم تعد ضمن أجندتها مطلقًا.
وفي قمة الاشتباك أيضًا خرجت أصوات نشاز تطالب المقاومة الفلسطينية بإنجاز هدنة مع الشعب كما تفعل مع العدو الإسرائيلي، وهذا برأيي نتيجة وصول من لا يفقه ولا يعقل ولا يعي ما يقول إلى منصب يخوله الحديث باسم هذا الفصيل أو ذاك، وهو كلام لا يختلف عن منشورات أدرعي الذي طالب المقاومة بأن تتقي الله في شهر رمضان وتكف عن إطلاق القذائف.. كفى رعونة.