بينما تستمر مجموعة BDS في التحريض على مقاطعة البضائع التي تنتجها المستوطنات الإسرائيلية في الضفة، وبينما تحقق هذه الدعوة نجاحات أدبية بين المواطنين في أوروبا، كان آخرها تقريبًا ظهور وسم على بضائع في محلات في فرنسا مكتوب عليها صنع في المستوطنات الإسرائيلية، وهو وسم يمكن أن يستجيب له أصحاب الضمائر ممن يرفضون الاحتلال، فيمتنعون عن شرائها ويبحثون عن بديل لها.
بينما هذا يجري في أوروبا يفاجئنا الكونجرس الأميركي بعقد جلسة يرفض فيها قرار مجلس الأمن الأخير القائل بعدم شرعية الاستيطان، وهو القرار الذي مرّ لأن إدارة أوباما امتنعت عن التصويت. (٣٤٢) عضوا في مجلس النواب مقابل (٨٠) عضوا صوتوا ضد قرار الاستيطان تحالفا مع الاحتلال، ومخالفة لإدارة أوباما.
إن هذا التصويت مع الحليف الإسرائيلي يدل دلالة واضحة عن حجم التأييد الكبير لإسرائيل في الكونجرس الأميركي بين الجمهوريين والديمقراطيين على السواء، ويدل على أن الإدارات الأميركية لا يمكن أن تكون راعيا نزيها لمفاوضات بائسة كما يوهمنا عباس من عقدين من الزمن. لم يكن قرار مجلس الأمن بشأن رفض الاستيطان في القدس والأراضي المحتلة ملزما لدولة الاحتلال، ولم يكن تحت الباب السابع، الذي يقضي بفرض عقوبات على من يرفضون الامتثال للقرار، لقد كان قرارا عاديا، ومع ذلك أقام نتنياهو الدنيا ولم يقعدها ضد إدارة أوباما، وضد الدول التي أيدت القرار. وها هو الكونجرس الأميركي يسير على الطريق نفسها التي رسم معالمها نتنياهو.
في مجلس النواب الأميركي، قال رئيس المجلس بول راين، في جلسة التصويت على النص: إن "هذه الحكومة تخلت عن حليفتنا إسرائيل، في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل بأمسّ الحاجة إلينا؟!". ويعتبر الكونجرس التصويت الأخير لصالح قرار رقم 2334، وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت (بما سمح بتمريره)، أمرا "معاديا لإسرائيل؟!".
اللافت للنظر أن دولة العدو الصهيوني تتحكم في الإدارة الأميركية من خلال مجلس الكونجرس، الذي هو المدافع الأول عن حقوق (إسرائيل) حتى فيما هو مظهر من مظاهر الاحتلال الذي يرفضه العالم، وترفضه القوانين الدولية وشرعية الأمم المتحدة، وهذا يدل من ناحية مقابلة على هزال الأثر العربي والإسلامي فضلا عن الفلسطيني في مجلس الشيوخ الأميركي ومجلس النواب والإدارات الأميركية لدرجة يمكن القول معها إننا كعرب وفلسطينيين غير موجودين في الأجندة الأميركية، وجودا محترما أو مؤثرا، مع أننا نحن الذين نزعم أن أوراق اللعبة كلها في يد أميركا.
في الاتحاد الأوروبي توجيهات اتحادية لدوله بوسم بضائع المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين في عام ١٩٦٧م، وفرنسا ملزمة كغيرها بتطبيق توجيهات الاتحاد، وتعتبر وسم منتجات المستوطنات بمثابة دعوة لمقاطعتها ولكن من خلال الضمير لا السياسة.
والمؤسف أن أعضاء من مجلسي النواب والشيوخ يطالبون بمعاقبة الأمم المتحدة وحجب التمويل الأمريكي، الذي يشكل 22% من ميزانيتها السنوية بسبب هذا القرار؟! هذه هي دولة الاحتلال، وهذه هي أميركا بلا رتوش، فأين العرب والمسلمون، وأين السلطة التي تفرض على شعبها تنسيقا أمنيا يخدم الاستيطان والمستوطنين؟!