فلسطين أون لاين

​في رمضان العودة حق كالشمس

...
غزة - أدهم الشريف

اعتاد أحمد عودة (في السبعينيات من عمره) الإفطار في أيام رمضان مع عائلته، التي تقيم في مخيم الشاطئ للاجئين، غرب مدينة غزة.

لكن المسن الذي ينحدر من بلدة حمامة المحتلة منذ 70 سنة مضت اختار وجهة مغايرة هذا العام للاحتفال والإفطار.

عودة واظب على حضور موائد الإفطار التي تقيمها اللجنة الوطنية العليا لمسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة سنة 1948م.

ولم يكن وحده من قرر الإفطار هناك، بل المئات كانوا على مرأى من جنود الاحتلال المتمركزين خلف السياج الشائك.

بدا هذا المسن غير مبالٍ بجنود جيش الاحتلال المحصنين خلف التلال الرملية العالية، في حين كانوا يطلون من ورائها بأسلحة قناصة، أوقعت عشرات الشهداء وآلاف الجرحى منذ انطلاق مسيرات العودة في 30 آذار (مارس) الماضي، اليوم الذي وافق الذكرى الـ42 ليوم الأرض.

وتحظى المسيرات بمشاركة جماهيرية واسعة في خمس نقاط تجمع لها، تمتد من الشمال الشرقي لقطاع غزة حتى أقصى جنوبه.

وكان الشاب محمد زقوت واحدًا من الذين شاركوا في مسيرات العودة منذ انطلاقها، واستنشق الغاز السام المنبعث من القنابل التي يطلقها جنود الاحتلال، ونجا من استهدافه بالرصاص الحي أكثر من مرة.

مع ذلك بدا زقوت (28 عامًا) مصرًّا على الوجود في مخيم العودة، شرق مدينة غزة.

"اليوم نفطر قرب السياج، وفيما بعد سنفطر في أراضينا محررة من الاحتلال الإسرائيلي" يقول زقوت الذي هجر أجداده من مدينة أسدود في الداخل المحتل.

ويقتنع الشاب تمامًا بأن ما شاهده من فعاليات ومشاركات وأدوات نضالية سلمية ما كان ليتحقق لولا مشاركة الجميع، على اختلاف الانتماءات السياسية.

ويضيف: "لم أنقطع يومًا عن مسيرات العودة، وها أنا اليوم أشارك في الفعاليات الرمضانية".

ويتعهد هذا الشاب بمواصلة المشاركة في المسيرات السلمية حتى تحقيق أهدافها في التصدي لما يسمى "صفقة القرن"، التي تريد إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترمب" فرضها على الشعب الفلسطيني.

وتعبيرًا عن رفضه لذلك خرج الفتى علاء الدين كريم إلى مخيمات العودة في شرق مخيم جباليا، شمالي القطاع، للمساعدة في تجهيز موائد إفطار الصائمين.

وبدا علاء الدين فخورًا وهو يرتب أطباق الطعام، ويجهزها برفقة شبان متطوعين.

وما يميز الأجواء الرمضانية قرب السياج الفاصل حالة الهدوء التي تسود بين المواطنين، بعيدًا عن منغصات الحياة والأزمات التي يعيش فيها قطاع غزة منذ سنوات طويلة، ما يشكل ملاذًا مريحًا لبعضٍ، رغم مخاطر الاستهداف الإسرائيلي.

ويحرص المشاركون في الإفطار قرب السياج على أداء صلاة التراويح هناك قبل العودة إلى بيوتهم ليلًا، ثم العودة مجددًا في اليوم التالي للمشاركة في فعاليات جديدة ومتنوعة تعبر في محتواها عن التمسك بحق العودة.