فلسطين أون لاين

​ثلاث تمرات وكوب ماء فقط

...
النقيب إبراهيم أبو الريش
غزة - جمال غيث

ما إن انتهوا من إعداد طعام الإفطار، وتجمعوا حول سفرة رمضان؛ حتى قرع جرس الإنذار لتهرع طواقم الدفاع المدني بأقصى سرعة لتلبية نداء استغاثة، وصل إليهم من أحد المواطنين الذي نشب حريق في منزله.

صعد النقيب إبراهيم أبو الريش مدير مركز الدفاع المدني في تل الإسلام بمحافظة غزة برفقة طاقم يسانده إلى إحدى مركبات الإطفاء لتلبية النداء، متجاهلين سفرة الإفطار التي انهمكوا في إعدادها ساعات، وهمهم الأول والأخير حماية المواطنين من الخطر وإرساؤهم على بر الأمان.

ويضطر أبو الريش، وزملاؤه إلى الإفطار على كوب من المياه وثلاث حبات من التمر، في مواقع عملهم، ولا يجتمعون على مائدة الإفطار مع أسرهم إلا مرتين في الأسبوع، وفي بعض الأحيان يتغيبون عنها، إذا استدعي ذلك وأعلنت حالة الطوارئ في الجهاز.

ويحاول أبو الريش وزملاءه إقناع أسرهم وأطفالهم بأنهم ذاهبون لإنقاذ حياة المدنيين وحمايتهم من الخطر، الأمر الذي يشعرهم بالفخر ويجعلهم ينتظرون حلول اليوم التالي ليلتقوهم.

وتكون ساعات الخطر في شهر رمضان في عرف الدفاع المدني قبل موعد أذان المغرب والسحور، بسبب السرعة الزائدة وانشغال السيدات بإعداد الطعام وتجهيزه بأقصى سرعة.

يقول: "وفي بعض الأحيان نفطر بعد أذان العشاء ولا نعطي أي أهمية للطعام، بسبب حرصنا الشديد وانشغالنا في إنقاذ المواطنين وإخماد الحرائق، فالطعام مصلحة خاصة نتجاوزها لحماية المدنيين؛ فكل دقيقة من شأنها أن تكلف حياة شخص؛ فنحرص عليها ونسرع للوصول إلى مكان الحدث وممارسة أعمال الإنقاذ".

ويتغيب أبو الريش عن أسرته المتكونة من خمسة أفراد ثلاثة أيام في الأسبوع، وفي بعض الأحيان يضطر إلى مواصلة العمل طوال الشهر والتغيب عن أسرته، كما حدث معه في العدوان الأخير على غزة عام 2014م، إذ مكث طوال شهر رمضان في العمل لحماية المواطنين.

ويدعو المواطنين لمتابعة إرشادات الدفاع المدني وعدم التردد في الاتصال على رقم الدفاع المدني (102) في حال شعورهم بالخطر، وتفقد أسطوانة الغاز باستمرار، عادًّا إياها قنبلة موقوتة في كل بيت يجب الحذر منها.

ويختتم أبو الريش كلامه بابتسامة ظهرت على وجهه، واصفًا العاملين في جهاز الدفاع المدني برجال الطوارئ الذين يغلبون المصلحة العامة على الخاصة، من أجل توفير الأجواء المناسبة للمواطنين وحمايتهم من الخطر.