هذا الاسم عرف به رجل من أهم رجالات المقاومة الفلسطينية، كان دائماً يحمل حقيبة فيها أجهزة إلكترونية يستخدمها في تصنيع وفحص السلاح, لقد نهض من بين ركام هزيمة الجيوش العربية أمام الاحتلال الصهيوني 1967م, بدأ الطريق وحيداً, لكنه كان يحمل عزيمة كالجبال, إنه الشهيد القائد العسكري عدنان الغول (يحيى)، الذي استشهد في مثل هذه الأيام في شهر رمضان, ليلة الخميس- الجمعة (21- 22/10/2003م).
ولعل كل أبناء شعبنا سمع عن الغول, ولكن قليلون من يعرفون التفاصيل الدقيقة عنه, فعدنان الغول هو أول من حفر الخنادق تحت الأرض من أجل مقاومة الاحتلال في المغراقة, عندما بدأ يشق طريق الجهاد ومقاومة الاحتلال في الوقت الذي كانت تعيش فيه الأمة الإسلامية والعربية في أقسى حالات الضعف والانهيار, بل كانت جماعة "الإخوان المسلمون" في فلسطين تعيش في حالة مخاض لتلد بعد خمس سنوات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) 1987م.
لقد اطلعت على كثير من الوثائق التي تظهر عظمة الرجل، ومنها وثائق بخط يده, فقد بدأ بتشكيل مجموعات عسكرية وجمع لها السلاح من هنا وهناك, إذ جمعه بالرصاصة, وحفر الخنادق, ونفذ عمليات ضد الاحتلال وعملائه منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي, وطاردته قوات الاحتلال في فلسطين وخارجها, فقطع البحار والصحاري والبراري والجبال، مطارداً من فلسطين, إلى مصر, ولبنان, سوريا, وليبيا.
لكن الذي ميز صاحب الحقيبة عزيمته التي لا تلين, فهو رجل عصيٌّ على الانكسار, فقد أصر على العودة إلى فلسطين ليكمل مسيرة الجهاد, واضعاً نصب عينيه نقل تجربته في مجال التصنيع العسكري والهندسة لأبناء شعبه في فلسطين, فعاد إلى غزة عام 1994م, مكرساً كل جهده وعقله وخبرته لتطوير قدرات المقاومة.
فله وللشيخ صلاح شحادة الفضل بعد الله _كما تتحدث الوثائق_ في إعادة تشكيل الجهاز العسكري لـ"حماس" في عام 2000م, وله الفضل في تصنيع القنابل اليدوية, وسلاح البنا, والبتار, والياسين, وصناعة صواريخ القسام, وله الفضل في تطوير كثير من الأسلحة التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية وأحدثت نوعاً من توازن الرعب في كثير من الاشتباكات المسلحة مع الاحتلال, حتى إنه كان يقول دائمًا: "أغرقوا غزة بقذائف الياسين, وقذائف (آر. بي. جي), لكي نتمكن من التصدي للاحتلال".
لكن المدهش حقّاً في شخصية الرجل هو امتلاكه حسّاً أمنيّاً عالياً, فقد أفلت من 8 محاولات اغتيال أعدها له الاحتلال بإحكام, إذ كانت طريق الغول محفوفة بالمخاطر والآلام, وكانت زوجته "أم بلال" أكبر داعم ومعين له دائماً؛ فينطبق عليها القول: "وراء كل عظيم زوجة عظيمة", رحم الله عظماء شعبنا.