فلسطين أون لاين

بدموع نجله أسامة وحضور عربته.. الشجاعية تودع "بائع البراد"

...
غزة - جمال غيث

احتضن أسامة أبو عويضة، والدموع تنهمر من عينيه والده "حسين" الذي وصل لمنزلهم في حي الشعف شرق مدينة غزة، محمولاً على الأكتاف يلفه علم فلسطين، وأخذ يهمس في أذنيه "استيقظ يا أبي لا طعم للحياة دونك.. هيا استيقظ".

سرعان ما قاطعته عمته التي وقفت بالقرب من رأس والده لتقول له بفخر: "ارفع رأسك يا أسامة أبوك شهيد"، لتنطلق الزغاريد من كل مكان في المنزل.

أبو عويضة أب لأسرة مكونة من خمسة أفراد، استشهد متأثرًا بجراح أصيب بها في 14 مايو/ أيار الجاري خلال مشاركته في "مليونية العودة الكبرى".

وعمل "حسين" (41 عاما) على عربة لبيع مثلجات "البراد"، ودأب على التواجد في مخيم ملكة شرق مدينة غزة منذ انطلاق المسيرة في الذكرى الـ 42 ليوم الأرض.

ومثلت مسيرة العودة مصدر رزق للعشرات من الباعة المتجولين الذين يقطعون عديد الكيلو مترات سيراً على الأقدام للوصول إلى المخيم لتحصيل قوت عيالهم.

وصباح كل جمعة كان "حسين" يحمل نفسه وصناديق حفظ المثلجات إلى المخيم الواقع جنوب شرقي مدينة غزة ليروي ظمأ المتظاهرين السلميين على السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 48.

ويقول مقربون من حسين إنه كان يعتبر ذهابه إلى المخيم يحقق هدفين الأول المشاركة في المسيرة الشعبية السلمية لكسر الحصار، والآخر البحث عن رزقه بين آلاف المحتشدين.

وبالقرب من منزل "بائع البراد" كما كان يكنى "حسين"، نصبت خيمة عزاء حيث حضرت عربة بيع المثلجات ترفع علم فلسطين كما فعل صاحبها دوماً وهو يجول بها شوارع حي الشجاعية ومخيم العودة.

وحرص عويضة، وفق شقيقه عدنان، على المشاركة في فعاليات مسيرة العودة، مشيراً إلى أن "حسين" اشتهر بخفة دمه.

وأوضح أن شقيقه لم يتردد في استخدام مكبر الصوت الذي علا عربته البسيطة، للهتاف والتكبير وللتأكيد على حق العودة إلى الديار.

ويشير ابن شقيقة الشهيد محمد أبو عويضة، إلى أن جيش الاحتلال كان يهدد خاله، والمشاركين في فعاليات مسيرة العودة باستمرار عبر مكبرات الصوت، فيرد عليهم قائلاً: "يا ابن اليهودية احنا اجينا هنا ومش مروحين".

وكان حسين قد أصيب بجراح قاتلة منها رصاصة في الظهر أصابت العمود الفقري وتسببت بتهتك الفقرة الصدرية العاشرة، ورصاصة أخرى في البطن تركت شظايا فوق الكبد والرئتين، ومكث في المستشفى إلى أن أعلن عن استشهاده.

وباستشهاد أبو عويضة يرتفع عدد الشهداء منذ انطلاق فعاليات مسيرة العودة الكبرى في 30 أذار/ مارس الماضي إلى 116 شهيدًا، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 13300 بينهم 335 في حالة الخطر.

وارتكب جيش الاحتلال في 14أيار/ مايو مجزرة دموية بحق المتظاهرين السلميين على السياج الشرقي الفاصل، خلال مشاركتهم في "مليونية العودة" بعدما أطلق عليهم الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مباشر.

وجاءت "مليونية العودة" للتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أراضيه وقراه المحتلة التي هجروا منها على يد العصابات الصهيونية عام 1948، وتنديدًا بنقل السفارة الأمريكية من (تل ابيب) إلى مدينة القدس المحتلة.