"ما تعودنا الخوف" قالتها الأربعينية "أم محمد أبو سلطان"، التي لم تبالِ برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي الذي اخترق أجساد المتظاهرين، وقنابل الغاز التي تتساقط عليهم، وهي تستمد الشجاعة من الثائرين، والصمود من شباب غزة الصامدين.
وتكتب قرب السياج الفاصل مع الاحتلال حكاية مع التحدي عنوانها استمرار الحضور والمشاركة في المسيرات، لا تقطع مشاركتها واصطحاب أبنائها الثلاثة (فتاتين وفتى) وهم يتوشحون بالكوفية الفلسطينية في المسيرات السلمية، وكذلك الإصرار على الوجود في أولى صفوف المتظاهرين.
تبين أم محمد لصحيفة "فلسطين" أنها تأتي للمشاركة باستمرار في مسيرة العودة لتوجه رسالة إلى الاحتلال، أن الشعب الفلسطيني قادر على أن يتحمل مسؤولية إعادة أرضه، قائلة: "هذا حقنا أن نعود لبلادنا التي سلبها الاحتلال من أجدادنا".
ولا تخشى "أم محمد" إطلاق قوات الاحتلال النار عليهم، تضيف: "في البداية كان الأمر صعبًا، استودعت الله أولادي، لأننا نشارك هنا مطالبين بحق العودة، وتهديدات الاحتلال الإسرائيلي باتت تحصيل حاصل، وهم أجبن من أن يخيفونا".
تقف بجوارها ابنتها سلطانة التي اكتسبت الشجاعة من والدتها متوشحة بالكوفية، فتقول: "نأتي هنا ونقف في الخطوط الأولى على بعد عدة أمتار من السياج الفاصل، لم نشعر بالخوف، بل كان الحماس هو سيد الموقف".
تضيف: "لم نعد نخاف من المشاركة في المسيرات، مع أننا في البداية كنا نهاب، لكن مع المشاركة المستمرة تعودنا وذهب الخوف، وأصبحت لدينا قوة وشجاعة لنشارك يوميًّا وباستمرار".
رسالة سلطانة: "يجب ألا يبقى أحد في البيوت، وأن يخرج الغزيون جميعًا للمشاركة في المسيرة"، تتابع: "يجب علينا أن نتقدم ونعبر السياج الفاصل، وهذا حقنا أن نعود لأراضينا".
وبجانبها يقف شقيقها محمد مغبر الثياب، وقد اكتسى شعر رأسه بالرمل من أثر المشاركة مع المتظاهرين في إشعال الإطارات، يختصر حديثه قائلًا: "العودة إلى أرضنا حق، وتهديدات الاحتلال لم تعد لها قيمة لدينا".
"ما سلب بالقوة لا يؤخذ إلا بالقوة، إحنا مش خايفين" تقولها شقيقتها رانية، وتتابع وهي تشير بيديها باتجاه السلك بنبرة صوت غاضبة تحت اللثام: "انظر تلك أراضينا المحتلة، يجب أن نستعيدها، وهذا حقنا".
مرة أخرى تعاود سلطانة الحديث قائلة: "نحن من بلدة حمامة ونريد العودة إليها، وأصبحنا ندرك أن علينا مسؤولية إعادة بلادنا من الاحتلال، الذي اغتصب أرضنا وهجر أجدادنا، فيجب أن يخرج منها".
"جئت مع والدتي (تضيف سلطانة) حتى لا نبقى قلقين عليها وهي بعيدة عنا، ونحن لسنا أول عائلة تخرج كاملة إلى الحدود؛ فعائلات كثيرة خرجت للمشاركة في مسيرة العودة".
وتختم "أم محمد": "أغرس في أولادي أن حب الوطن من الأولويات التي يجب أن يتمسكوا بها، خاصة أن هذا الجيل مثقف يعي أن الاحتلال اغتصب أرضه وصادر شيئًا ليس من حقه".