فلسطين أون لاين

عائلة (م. ق) مستقبل مجهول ينتظر أبناءها

...
​غزة/ هدى الدلو:​

أغلقوا عليهم الأبواب والنوافذ، ولم يطرقوا سوى باب الله المفتوح، ليناجوه بحالهم، ويشكوا إليه وضعهم، وما فعلته الأيام بهم، كيف تدور بهم كأنهم في طاحونة، فهم على يقين تام بأن الشكوى إلى غير الله مذلة، يعيشون بكل هدوء في بيتهم، كما لو أنه فارغ من ساكنيه، لعل تقبل وضعهم ورضاهم بقدرهم وبما قسمه الله لهم يفرغان على قلبهم الصبر، والإيمان بأن الفرج من عند الله.

حاولت تلك الأم أن تخفي نظراتها التي تشكو الوجع والفقر وقلة ما في اليد، وحبست الدموع في مقلتيها، فلن يجدي نفعًا هطولها، ولكن ما يوجع قلبها هو خوفها على مستقبل أبنائها، فلا تعرف أين سيستقر مصيرهم، وكيف سيغدو حالهم بعد سنوات.

عائلة المواطن (م. ق) متكونة من تسعة أفراد مع الأب والأم، وتسكن في منطقة الشعف شرق قطاع غزة، لعل البيت الذي يعيشون فيه جاءهم من السماء، وإلا فإنه مصيرهم الشارع، أو التنقل بين بيوت الإيجار وطردهم لعدم قدرتهم على دفعها، "هذا البيت قد ورثته أمي عن والدها، والآن نعيش فيه ونستر أنفسنا، رغم أنه يحتاج إلى صيانة" والقول لرب العائلة.

فحال مرافق البيت يرثى لها: دورة المياه تحتاج إلى إعادة ترميم، خاصة على صعيد مجاري الصرف الصحي، والمطبخ لا يوجد به "مجلى"، ويعيشون على صبة الباطون، دون وجود للبلاط.

كان الأب يعمل في البناء، ولكنه بسبب طبيعة عمله المعتمد على يده، والضغط الكبير عليها قطع الوريد في يده، وأجري له على إثر ذلك عملية جراحية، ولم يعد يستطيع العمل في المجال نفسه، حاول مرارًا وتكرارًا البحث عن فرصة عمل تناسب وضعه الصحي، ولكن دون جدوى، في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، وانعدام فرص العمل للشباب.

أصبح عاطلًا عن العمل، فلا منفذ له ولا مخرج من أزماته المعيشية سوى شيك الشؤون الذي كان يتقاضاه كل ثلاثة أشهر، ومع الأوضاع التي تمر بها غزة والعقوبات المفروضة عليها يتأخر عليهم، الأمر الذي يُحدث أزمة في حياتهم اليومية والمعيشية.

يضيف: "حياتنا كلها دين بدين، ففي رقبتي دين يقدر بـ4 آلاف شيكل، وكنت أستدين على اسم شيك الشؤون، ولكن بعدما بات يتأخر صرفه أصبح الباعة يرفضون مداينتنا، حتى إني انكسرت لبائع الخضرة بـ1000 شيكل"، فينتظر شيك الشؤون على أحر من الجمر، ليكفوا عن سؤاله، وليصون ماء وجهه، عندما يخرج من بيته.

ولدت زوجته بكلية واحدة، وتعاني من تضخم فيها، وتحتاج دائمًا إلى علاج وأدوية، إلى جانب أنها تعاني من أزمة صدرية وبحاجة إلى بخاخات وعلاجات دائمة، أما ابنته الكبرى التي تبلغ من العمر 17 عامًا فتسببت لها حادثة بجرح عميق في وجهها، وتحتاج إلى مرهم تجميلي وعلاج.

تكمل الزوجة الحديث عن معاناة عائلتها: "ابنتي في الصف الثالث تعاني من التهاب مزمن في الأذنين، تسبب لها في إحداث خرق في طبلتي أذنيها، فتعاني من ضعف في السمع، وتحتاج إلى إجراء عملية جراحية في اللوزتين".

وضع البيت المأسوي سبب لهم الكثير من الإحراج الكبير، إذ تقدمت إحدى العائلات لخطبة ابنتهم، وعندما شاهدوا حال البيت الذي يرثى له تراجعوا عن الأمر، ولم تتم الخطبة، ما أدى إلى سوء الوضع النفسي لدى الفتاة وعائلتها.

الديون المتراكمة على كاهل العائلة يحمل همها الصغير قبل الكبير، فلا يطلب الأبناء مصروفًا يوميًّا لمعرفة وضع والدهم الاقتصادي، ولم يعودوا يشتهون أكلات معينة، فيسدوا رمقهم بأي شيء، حتى لو كان خبزًا يابسًا، وكثيرًا ما تصل إلى رب العائلة بلاغات مقدمة ضده في مراكز الشرطة بسبب الدين، ولكن في أغلب الأحيان يتعاطف معه مسؤول المركز نتيجة سوء وضعه الاقتصادي، وقلة ما في اليد، يقول: "المهم أنه نضل بسمعتنا الطيبة أحسن ما نسرق".

أخيرًا يأمل لو يتحسن حاله، ويمتلك "تكتوك" يعمل عليه ويحصل قوت عائلته، ويتمكن من إصلاح بيته وإعماره.