بسبب انتكاسة الجيش الإسلامي تحت أسوار القسطنطينية قرر محمد الفاتح استخدام سلاح الأنفاق, وبدأت فرق الأنفاق تحفر تحت أسوار القسطنطينية, وعندما تنبه الجيش البيزنطي إلى هذه الأنفاق بدأ يحفر أنفاقًا مضادة لتلتقي بأنفاق العثمانيين, ثم صب فيها الزيوت والدهون المغلاة, فاستشهد مئات الشهداء تحت أسوار القسطنطينية (لا يعلمهم إلا الله), واعتقد كثير من الناس أن سلاح الأنفاق فشل, وليس له فعالية أو دور في فتح القسطنطينية، التي فتحت بعد ذلك بأيام.
ولكن المدهش أننا عندما نطلع على الوثائق والمصادر التاريخية البيزنطية التي أرخت لتلك المرحلة نجد أن سلاح الأنفاق كان له أكبر الأثر في فتح القسطنطينية, فالروايات التاريخية تفيد أن المواطن البيزنطي كان يفر من بيته هو وأسرته بمجرد سماعه صوت طرقات على جدار بيته, وكثيرًا ما يكون الطارق هو جاره, وأن المواطن البيزنطي كان عندما يسير ليلًا في شوارع القسطنطينية ويرى خياله يفر مسرعًا، وهو يصرخ: "لقد رأيت رجلًا عثمانيًّا خرج من تحت الأرض", أي أن البيزنطيين بفعل هذا السلاح هُزموا نفسيًّا, وكانوا مهيئين للهزيمة العسكرية. وكذلك ما يحدث على أرض فلسطين _وخصوصًا أنفاق مدينة غزة_ شكلت هزيمة نفسية للمجتمع الصهيوني, فالمتأمل سيجد أن منطقة "غلاف غزة" هي شبه خالية من المستوطنين؛ فقد نزحوا إلى شمال فلسطين, وساعدت الأنفاق على رفع نسبة ووتيرة هجرة الصهاينة إلى أوروبا؛ فليس غريبًا أن تشير الدراسات العلمية الصادرة من أكبر المؤسسات العلمية في الكيان الصهيوني إلى ذلك؛ فدراسة علمية من جامعة (تل أبيب) تفيد أن أكثر من 40% من الصهاينة يرغبون بالهجرة من فلسطين, ودراسة علمية أخرى من الجامعة العبرية تفيد أن أكثر من مليون صهيوني هاجروا من فلسطين ولم يعودوا, وهذا يؤكده كبار العلماء والسياسيين الصهاينة في دراساتهم، أمثال: أمنون روبن شتاين (عالم القانون في جامعة تل أبيب, والوزير السابق للقضاء والتعليم في حكومتي رابين وباراك الصهيونيتين), وإبراهام يورغ (رئيس الكنسيت الصهيوني عشر سنوات)، تستطيع أن تقرأ لهؤلاء فعندها ستعلم أن سلاح الأنفاق سلاح رادع.