فلسطين أون لاين

​المجزرة الدامية لا تمنع تجدد الاعتصام السلمي في مخيم خزاعة

...
خان يونس - أحمد المصري

رغم المجزرة الدامية التي ارتكبتها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المتظاهرين السلميين، لكن المواطنين يبدون إصرارًا منقطع النظير على مواصلة الاعتصام داخل خيام العودة كما هو الحال في بلدة خزاعة شرق خانيونس.

ومن بين هؤلاء جرحى قدموا إلى المخيم بعد ساعات قليليه على إصابتهم في أكثر المواجهات دموية بين قوات الاحتلال في الشبان الذين واجهوا النيران بصدور عارية.

ويجلس الشبان في بهو مُعرش خصص لتأدية الصلاة، والذي يواجه مباشرة التلال الرملية التي يعتليها قناصة جنود الاحتلال خلف السياج الأمني الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 48، بغية قنص الشبان عوضًا عن استهدافهم بقنابل الغاز المسيلة للدموع.

وشهد يوم الاثنين الماضي، مجزرة بشعة في الذكرى السبعينية للنكبة حيث قتلت قوات الاحتلال أكثر من 60 مواطنًا وأصابت المئات، معظمهم جرى استهدافه داخل مخيمات العودة أو المناطق المتاخمة لها، وفق شهود عيان.

ويقول علي العصار، إن مشاركته في المخيم ستستمر "رغم أي جراح"، لتحقيق الهدف الأسمى والأماني المتعلقة بالعودة لبلدته المحتلة "جولس" شرق مدينة المجدل، مشيرًا إلى أن قدومه لم ينقطع يومًا عن المخيم منذ اليوم الأول لإقامته.

ويلفت العصار هو والد الاستشهادي عبد المعطي العصار لصحيفة "فلسطين" أنه شهد حالة البطش الشديد التي نفذها جنود الاحتلال ضد المعتصمين في المخيم والمتظاهرين الشبان، في ذكرى النكبة، قائلًا: إن كثافة النيران الحية وقنابل الغاز المسيلة للدموع لم يسبق لها مثيل، "ورغم ذلك لم نغادر المكان، ولم تتغير عزيمتنا للعودة والرباط في المخيم مرة أخرى".

ويضيف: "لم أخف مما حصل ولن أخاف أو أجزع مما من الممكن حصوله في قادم الأيام، فآخر شيء من الممكن أن يحصل هو الموت، وهي نهاية حتمية سيصل إليها الإنسان مهما طالت المدة أو عمَّر في الأرض، غير أن الموت هنا ليس موتًا عاديًا بل شهادة في سبيل الله وإعادة الحق المغتصب".

أما المواطن أحمد رضوان فيقول إنه قدم باكرًا لأرض خزاعة، ليوصل رسالة للعالم أجمع بأن الفلسطينيين ورغم الجراحات الحاصلة والمجزرة التي جرت، يسيرون على نفس درب من سبقوهم ولن يتخلوا عن قضيتهم مطلقًا.

ويضيف رضوان الذي يعمل معلمًا في وزارة التربية والتعليم، لـ"فلسطين": "حرصت على أن أكون هنا في المخيم باكرًا، لأننا طلاب حقّ، ولن نتنازل عنه مهما بطشت وعلت يد الاحتلال الغاشمة"، مكملًا: "سنبقى مرابطين والاحتلال هو من سيرحل".

ويلفت إلى أن ما شهده يوم العودة الكبرى سيبقى حيًا في الذاكرة، فمشاهد المصابين وقنابل الغاز التي تطلقها الجيبات الراجمة أو الطائرات الإسرائيلية المسيرة ستبقى حاضرة "وذلك كله لن يفتّ من عزيمتنا شيئًا، بل أحدث شيئًا معاكسًا للغاية في داخلنا يتمثل بعدم ترك الاعتصام تحت وقع أي ظرف كان".

ويذكر المواطن أحمد قديح إلى المخيم بات مكانه المفضل بدلًا من الجلوس في البيت أو أي مكان آخر، سيما بما يحمله من رمزية كبيرة تتمثل في حق العودة للبلدات والقرى المهجرة والمغتصبة من قبل الاحتلال.

وكان قديح قد أصيب قبل أيام برصاصة في يده، لكن ذلك لن يمنع من مواصلة المسير، مشيرًا أن الاحتلال يحاول فرض معادلة البطش بالقوة المميتة في المخيم ليحقِّق أهدافًا أهمّها إبعاد الناس عن هدفهم الذي أحرج الاحتلال أمام الرأي العام الدولي.

ومضى إلى القول: "المكان أصبح له ارتباط في قلب كل من وصل إليه، ولن يزحزحهم عنه أي قوة أو قهر، فالعودة حق أصيل وسيأتي اليوم الذي سيعبر فيه اللاجئون من المخيم للأرض المحتلة عام 1948 ولن يحول بين عبورهم قوة كانت".

ومنذ انطلاق "مسيرات العودة الكبرى" في 30 مارس الماضي، والفلسطينيون يواصلون الاحتشاد على طول السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة شرقي قطاع غزة في خمس نقاط رئيسة، رغم قمع قوات الاحتلال لتلك المسيرات السلمية، واستخدامها "القوة المفرطة والمميتة" والأسلحة المحرمة دوليًا، ما أدى لاستشهاد أكثر من 120 مواطنًا وإصابة أكثر من 12 ألف بجراح مختلفة وبالاختناق.