ما جرى يوم الاثنين من استشهاد 61 فلسطينيا من بينهم الرضيعة ليلى الغندور (8 أشهر) في مسيرة مليونية العودة في ذكرى النكبة ال 70، ونقل سفارة امريكا للقدس المحتلة، كشف عن عدة امور هامة، وابرز حالة غير طبيعية، وأوجد مستجدات، ما كان لها ان تتحقق، لو ان غزة سكتت، في ذكرى النكبة، لتحقق عدة مكاسب في طريق الحرية، نسرد اهمها.
بداية الشهداء سقطوا في ذكرى النكبة، وهي لب الصراع مع الاحتلال، ليؤكدوا انه حق مقدس لا رجعة عنه، وانه من ثوابت الشعب الفلسطيني، وان فكرة قيام (اسرائيل) فوق الارض الفلسطينية كانت منذ البداية خطأ فادحا من الغرب، الذي زرعها زرعا، بقوة السلاح والارهاب وعلى حساب شعب بأكمله، دون رحمة او شفقة.
ما قاله "نتنياهو" في تصريحه اول أمس بأن "حماس تعمل على تدمير (اسرائيل)، في الوقت الذي يقتل جنوده الشبان والأطفال العزل وبالعشرات، ويملك اقوى الجيوش وقنابل نووية، لعمله انها لن تجدي نفعا لاحقا في حماية كيانه الغاصب، فالأيام دول والتبدل سنة الكون، وحان وقت بداية النهاية لكيانه.
سقوط الشهداء بهذا العدد الكبير، هم ليسوا مجرد أرقام، فقد حركوا المياه الراكدة، واعادوا القضية الفلسطينية للساحة الدولية من جديد، حتى وان فشل مجلس الامن بإدانة الاحتلال، فدم الشهداء لا يذهب هدرا ولا سدى، بل ينير ويقرب طريق التحرير اكثر من قبل.
حراك غزة بمسيرات العودة ومسيرة العودة المليونية، كشفت زيف النفاق من حولنا، وعملت على تصفية معادن الناس والدول، فمن تحرك ونصر غزة، هو حتما في صف الاخيار، ومن سكت في الوقت الذي كان فيه يجب ان يتحرك نصرة ل 58 شهيدا والقدس المحتلة، فانه في صف الاشرار، ويا ليته تحرك ولو بأضعف الايمان.
مسيرة العودة المليونية وسقوط شهداء كثر، اوجد حالة من الاصطفاف والتوحد الفلسطيني خلف دم الشهداء، والذي يأمل الكل الفلسطيني ان يترجم بوقف عقوبات غزة، فاذا لم يوحد دم الشهداء قوى الشعب الفلسطيني، فما الذي يوحدهم إذن .
كان بإمكان ذكرى النكبة ال 70 ونقل السفارة ان يمر مرور الكرام، كسابقاتها؛ لولا المسيرة المليونية وسقوط الشهداء بهذا العدد الكبير، لكن فكر المقاومة وصنع الحدث باقتدار وبتخطيط جيد ومحكم، جعل غزة تكسب الجولة، لتكون الذكرى ال 70 فارقة وغير سابقاتها من الذكريات الاليمة التي تعتصر القلوب حزنا وغما وهما.
صحيح ان الشعب فقد خيرة الشبان وبينهم اطفال، ولكن هذا عرى الاحتلال اكثر فأكثر، ولن ينفع الاحتلال وامريكا قوة البطش والارهاب، وتراكم التضحيات وتعرية الاحتلال اعلاميا على مستوى العالم قاطبة، سيعمل على عزله اكثر وفضحه، وبالتالي يقرب ساعة زواله ورحيله غير مأسوف عليه.
دوما، كانت الريادة والنصر حليف من يبادر ويقدم ويضحي، وليس لمن ينتظر التحولات الاقليمية والتغييرات الدولية، فشتان بين من يفكر ويخطط، ويصنع الحدث ومن يستقبله، وسقوط شهداء امر عادي جدا لشعب يريد حريته فلا حرية على طبق من ذهب.
في عالم اليوم، التقدم التقني في الاتصالات لم يعد يخفى على احد من هو المجرم والقاتل والمحتل، وعالم اليوم عبارة عن قرية صغيرة بفضل ثورة الاتصالات، وكل حر وشريف سيلعن دولة الاحتلال على اجرامها وقتل شبان بمسيرات سلمية عادية، فالصور تفضحهم، وقنص الشبان في رؤوسهم لمجرد مشاركتهم في مسيرة مليونية سلمية، اجرام فاضح ليس له مثيل في عالم اليوم.
في كل الأحوال كسبت غزة هذه الجولة، بفضل تضحياتها ومبادرتها بالتحرك ومقاومة الاحتلال في ذكرى النكبة ال 70، بشكل مختلف عن سابقاتها، ومن اجبر الاحتلال ان ينسحب من غزة وجنوب لبنان، قادر على اجباره ان ينسحب من الضفة الغربية، وال 48، لاحقا، وبعون الله، وبات حق العودة قاب قوسين او ادنى.