فلسطين أون لاين

​في مستشفى الشفاء.. أطباء يكافحون لإنقاذ حياة آلاف الجرحى

...
غزة - رامي رمانة

في الساحة الخارجية لمستشفى الشفاء الطبي غربي مدينة غزة، يحملُ طبيب "خمسيني" متمرس، بيده اليمنى ثلاث بطاقات: حمراء، صفراء، خضراء.

ما أن تطأ مركبة إسعاف عجلاتها أرض المستشفى، يترك لأنظاره معاينة حالة المصاب خلال ثوانٍ معدودة، ثم يرفع البطاقة الملونة.

إذا تبين أن الإصابة القادمة من مخيمات العودة شرقي غزة حرجة أو حرجة جداً يرفع البطاقة الحمراء، وإن كانت متوسطة يرفع البطاقة الصفراء، وإن كانت طفيفة يرفع البطاقة الخضراء.

هذه البطاقات التي تُحاكي ألوانها الإشارة المرورية، نجحت إلى حد كبير في تنظيم عمل الأطباء والممرضين في التعاطي مع الكم الكبير من الإصابات التي وصلت المستشفى، وتوزيع المصابين إلى الأقسام والغرف.

وقد أقامت إدارة المستشفى في "اطار عمل الطوارئ" خيمة كبيرة في الساحة المقابلة لقسم الاستقبال شرقاً، وزودتها بأسرة، وأطباء وممرضين من مختلف التخصصات وعقاقير وعلاجات.

بدأت هذه الخيمة التي تتخذ شكل ( T)، في بادئ الأمر في التعاطي مع الإصابات الطفيفة، لكن بعد الظهر اكتظت بأعداد كبيرة من المصابين، فقدت الطواقم الطبية المقدرة على علاج الحالات التي انهالت بكثرة، مما استدعى من إدارة المستشفى الاستعانة بأطباء ومرضى من مستشفيات أخرى وخاصة ومتطوعين.

مركبات الإسعاف -الحكومية والخاصة والتابعة لمؤسسات دولية- كأنها في سباق، ما أن تنزل الواحدة ما تحمل في "أحشائها" من جرحى وشهداء حتى تأتي أخرى حاملة "مثنى" و"ثلاث" و"رباع"، يفصل بين وصولها دقائق معدودة، وأحياناً يتزامن وجود ثلاثة معاً في المكان.

هذا العدد الكبير من الإصابات الذي وصل المستشفى، دفع بالطواقم الطبية إلى افتراش الأرض للمصابين.

الإصابات تركزت معظمها في مناطق الأطراف، والرأس، والبطن، معظمها لشباب وفتية، ولم توفر أيضاً طواقم إعلامية وطبية ودفاعًا مدنيًّا.

وقد وصل المستشفى عدة حالات استنشقت غازات ترتب عليها إحداث ارتجاج وفقدان السيطرة، وكأن المصاب تعرض لـ"صعقة كهربائية".

أمام الكم الكبير من المصابين عجزت إدارة المستشفى عن توفير أسرة، حيث افترش المصابون الأرض وعليها تلقوا علاجهم، كما نقلت العديد من الحالات الحرجة إلى مستشفيات حكومية وأخرى تخصصية.

الأعداد الكبيرة من الجرحى دفع بالمستشفى إلى إطلاق نداء عاجل لإمدادها بوحدات دم لإنقاذ الأرواح، وقد لبى المواطنون ذلك، وساعد في ذلك المساجد التي دعت العامة إلى تلبية النداء الوطني.

إلى الجهة الغربية من المستشفى، حيث" ثلاجة الموتى" تشاهد حولها عيونًا تذرف دموعاً حزينة على فقدان فلذة كبدها وأحبائها وأقربائها وأصدقائها، وتسمع أصوات تكبير وتهليل ابتهاجاً بالشهادة وفي الوقت نفسه دعوات للانتقام.

في حين تطلب الإدارة المشرفة على الثلاجة من العائلات المكلومة إلى الإسراع في دفن جثمانين شهدائها لإفساح المجال لشهداء آخرين.

ويعتبر مجمع الشفاء أكبر مؤسسة طبية في قطاع غزة، ويضم ثلاث مستشفيات هي: مستشفى الجراحة ومستشفى الباطنة ومستشفى النساء والتوليد، وتبلغ القدرة السريرية الإجمالية له 564 سريرًا.

وأنشئ مستشفى دار الشفاء في العام 1946 على مساحة 42000 م2، وتبلغ مساحة مسطح البناء القائم 15235 مترا مربعا، حيث يتكون المجمع من عدة أبنية وبعض الأبنية تتكون من عدة طوابق.