فلسطين أون لاين

​فادي أبو صلاح.. تحدى اعاقته واستشهد لأجل العودة

...
جثمان الشهيد فادي أبو صلاح (تصوير / رمضان الأغا)
خان يونس - أحمد المصري

لم يكن استشهاد الشاب فادي أبو صلاح، خلال مشاركته في مسيرة "العودة الكبرى"، شرقي محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، مفاجئًا لكل من عرفه أو سمع عنه، وهو الذي كان يحلم بالعودة إلى قريته "سَلَمَة" قضاء مدينة يافا المحتلة.

أبو صلاح (29 عامًا) فقد قدميه جراء إصابته بصاروخ أطلقته طائرة استطلاع إسرائيلية خلال العدوان على قطاع غزة عام 2008، وهو جندي مقاوم متوشح باللثام فداء للأرض والوطن، ولم تعجزه هذه الحادثة لأن يكمل مسيرة البذل والتضحية والعطاء.

أبو صلاح التقته "فلسطين" قبل ثلاثة أسابيع في مخيم العودة، وهو يجلس على دراجته النارية ذات الثلاث عجلات، أمام خيمة نصبها في المكان، قال: "بترت قدمي في هذا الوطن، ومستعدٌ أن أفديه بأكثر مما يتوقع العدو الإسرائيلي"، وكأنها إشارة لما كان يرنوا في داخله لأن يصل إلى طريق الشهادة إكمالًا لمسيرة الفداء في يوم نكبة فلسطين.

وحرص أبو صلاح على المشاركة الدائمة في مسيرة العودة منذ انطلاق فعالياتها في 30 من مارس/ آذار الماضي، برفقة زوجته وأطفاله الخمسة، الذين تتراوح أعمارهم ما بين سنة و8 سنوات، قاطعا مسافة خمسة كيلومترات، حيث يسكن في بلدة عَبَسان الكبيرة المجاورة.

ورغم ما كانت تجتره الحركة الزائدة والسير بدراجته النارية لمسافة تزيد عن 10 كيلومترات ذهابًا وإيابًا لمخيم العودة يوميًا من ألم في جسده، إلا أنه قال إن ذلك أمرا رخيص في سبيل الأرض والقدس والوطن ومناهضة مخططات الاحتلال، ومقاومته وتذكير العالم بأحقية شعبنا الفلسطيني في أرضه.

استشهد فادي وهو يحلم بتحقيق حلمه بالعودة لقريته "سَلَمَة" قضاء مدينة يافا المحتلة، وقد امتلك فيها جده بساتين مكسوة بأشجار الحمضيات، غير أنه لم يكن ببعيد عنه، إذ أنه ترجل محاولا بإرادته الفولاذية اقتلاع السياج والعبور للأرض المحتلة ليباغته الاحتلال برصاصات قاتلة في نصف الجسد الذي كان يمتلكه.

ترجل الفارس عن جواده كما يقول والده حسن أبو صلاح، وآن له أن يستريح من حياة الكد والتعب، التي بدأها منذ نعومة أظفاره، تاركًا ورائه السيرة الحسنة، وحب كل من رآه أو استمع إليه، أو حتى عرفه للمرة الأولى وهو مرابط دائم في مخيم العودة يتجول بين الناس بدراجته النارية.

لم يعد "فادي" بين الناس الآن، بعد أن غدر به الاحتلال، وهو يرى بملء عينيه عجزه، والتصاق جسده بالأرض، إذ أنه بلا قدمين، لكن روحه ستبقى حاضرة بقوة، بتأكيد والده، بل ودليل استلهام لمن خلفه كيف أنه امتلك من الإرادة والعزيمة رغم بتر قدميه ما لا يمتلكه أصحاء كثر عجزوا أن يقدموا قيد أنملة لهذا الوطن وقضيته والأرض السليبة التي يغتصبها الاحتلال الاسرائيلي.