فلسطين أون لاين

​مخيم الجلزون ... شاهد على مأساة اللاجئين الفلسطينيين

...
رام الله - الأناضول

رغم مرور 70 عاماً على تشريدهم من أراضيهم، لا زال سكان مخيم الجلزون للاجئين، البالغ عددهم نحو 14 ألف نسمة، يعيشون في منطقة لا تزيد مساحتها عن ربع كيلو متر مربع، وسط ظروف اقتصادية واجتماعية وأمنية متردية.

ويشكو السكان من اكتظاظ المخيم الواقع إلى الشمال من مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي حوّله إلى بنايات متراصة، وشوارعه لأزقة تكاد لا تتسع لعابريه.

وقبل نحو 70 عاماً، سكن اللاجئون المخيم، ظنّا أنهم سيعودون لقراهم ومدنهم التي تم تهجيرهم منها إبان نكبة فلسطين، إلا أن إقامتهم امتدت، فيما أوضاعهم تزداد بؤساً.

ويتخوف السكان من تصفية قضيتهم، إلا أنهم يتمسكون بالعيش في المخيم كمحطة للعودة رغم مرور 70 عاماً على نكبتهم، كما يقولون.

وتقول فاطمة شراكة (86 عاماً)، بينما كانت تجلس في منزلها الواقع وسط المخيم، إنها تعيش ظروفاً صعبة، وكانت قد وصلت المخيم مع زوجها وطفلتها معتقدة أنها أيام وتعود إلى بيتها.

إلا أنها أنجبت سبعة أبناء في المخيم، وتوفي والديها وزوجها وما تزال تنتظر تلك العودة.

وتضيف:" المخيم نقطة ومحطة قبل العودة من جديد للديار، رغم مرور كل هذه السنوات".

ويعود أصول "شراكة" لبلدة "بيت نبالا"، قضاء اللد (وسطفلسطين المحتلة عام 48م).

وتشير من نافذة البيت للمخيم وتكمل:" هنا عشنا سنوات طويلة، كنا نظنها أيام ونعود لبيوتنا".

وتشتكي العجوز الفلسطينية من تردي الأوضاع الاقتصادية، قائلة:" أغلب السكان بلا عمل، يعتشون على المساعدات".

كما تشكو من سوء الخدمات العلاجية في عيادات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي تشرف على إدارة المخيم.

ويعمل أبناء السيدة في التجارة، وتقول:" كنا مزارعين، نزرع أصنافاً متعددة، نملك حقولاً من الزيتون، وكنا نأكل مما نزرع، وتحوّلنا إلى لاجئين بلا شيء، نعيش في مخيمات".

والعام الماضي زارت "شراكة" قريتها المدمرة، وقالت:" لم أتعرف على مكان بيتي، أصبت بوعكة وعدت للمخيم في حالة نفسية صعبة، قرية عشت فيها طفولتي الجميلة عبارة عن أكوام من الحجارة".

وفي شوارع المخيم تنتشر النفايات، ويفتقر المخيم لأدنى مقومات الحياة، وعن ذلك يقول رائد صافي "43 عاماً" (أحد السكان) إن "الحياة هنا مأساة بكل معنى الكلمة".

ويضيف:" في المخيم، يعاني اللاجئ من الاكتظاظ السكاني، والبناء الأفقي لعدم توفر مساحات للبناء، وتراكم النفايات يومياً".

ويشير إلى مقهى وسط المخيم، ويتابع حديثه:" العشرات يجلسون هنا بلا عمل، الفقر مرتفع".

ويعاني السكان بحسب "صافي" من مضايقات الاحتلال المتكررة، حيث يتعرض الأطفال لإطلاق النار من قبل جيش الاحتلال المتمركز على مدخل المخيم، بحجة توفير الأمن لمستوطني مستوطنة "بيت أيل"، المتاخمة للمخيم.

وعادة ما تقوم سلطات الاحتلال بإغلاق مدخل المخيم بالمكعبات الإسمنتية، بحجة رشق الحجارة على مساكن للمستوطنين.

وأشار "صافي" إلى أن السكان يُصرّون على البقاء في المخيم رغم الظروف الصعبة كمحطة للعودة لمساكنهم وقراهم التي هجروا منها.

وقال:" لا تتوفر أدنى مقومات الحياة في المخيم".

ويلهو الأطفال وسط المخيم، من خلال تسلق الجدران والركض في أزقة تملئها النفايات، بينما تعمل مركبات على جمعها.

ويقول أحد السكان، ويدعى إبراهيم نخلة:" لا متسع للهو، نلهو وسط الزقاق، خروجنا على مدخل المخيم يعني تعرضنا لإطلاق النار من قبل جيش الاحتلال بحجة رشق الحجارة على المستوطنة".

وأضاف:" عدد من أصدقائي أصيبوا بالرصاص الحي".

ويسكن في مخيم الجلزون نحو 14 ألف لاجئ ، ترجع أصولهم إلى 36 قرية ومدينة فلسطينية، بحسب محمد عليان مدير عام مخيمات اللاجئين (حكومي).

وأشار عليان، إلى أن مخيم "الجلزون" يعاني كبقية المخيمات الفلسطينية من اكتظاظ سكاني ومشاكل اقتصادية واجتماعية وعدم توفر الأمن، بسبب الاحتلال.

وفي كل زاوية من المخيم، يجد الزائر ما يشير إلى "حق العودة"، حيث تسمى المحال التجارية بأسماء مدنهم وقراهم التي هجّروا منها.

ويحيي اللاجئون الفلسطينيون منتصف أيار/ مايو من كل عام ذكرى "النكبة"، حيث تم تهجيرهم من أراضيهم على يد عصابات صهيونية مسلحة، عام 1948.

وقال بيان لجهاز الإحصاء الفلسطيني صدر أمس الأحد، إن النكبة الفلسطينية عام 1948 أدت إلى تشريد 800 ألف من أصل 1.4 مليون كانوا يعيشون في فلسطين، وإن دولة الاحتلال دمرت 531 قرية وقتلت 15 ألف فلسطيني وارتكبت أكثر من 70 مجزرة.