فلسطين أون لاين

كم كتابًا قرأت؟

...
​بقلم/ هاشم سعودي

مرحبًا عزيزي القارئ.. هل أنتَ من أولئك الذين يحاسبون أنفسهم أم أنك تعيش حياتك دون تخطيط أو محاسبة يومية أو شهرية أو حتى سنوية؟ قال أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم"، ربما قد كان يقصد بهذا القول أن نحاسب أنفسنا حساب العابدين الذين قصروا بحق ربهم وأنفسهم, ولكن لمَ لا نجعل هذا الحساب أيضًا لأمور دنيوية لأهداف وضعناها قبل بداية هذا العام ومع نهايته، نحاسب أنفسنا على ما خططنا له وما حققناه وما لم نحققه، ونراجع أنفسنا من باب استدراك أنفسنا وخططنا التي كان من المفترض أن ننفذها.

فمثلًا تجد أشخاصًا يحاسبون أنفسهم على علاقاتهم وصداقاتهم، من هو الصديق الذي يجب أن يتمسكوا به أو يتخلوا عنه, وهل كان كل أولئك الذين مروا بحياتهم أصدقاء أو مجرد أشخاص مروا بحياتهم وانتهت صلاحية وجودهم.

ليس هذا ما أود الحديث معكم به، محاسبتنا اليوم ستكون مختلفة نوعًا ما عن أي محاسبة، فهذه محاسبة ربما قديمة نوعًا ما لكننا بحاجة لها.

عزيزي القارئ تعالَ لنتحاسب كم كتابًا قرأت خلال هذا العام؟ حيث يضع الكثير من القراء لأنفسهم عددًا معينًا يجب عليهم حسب قولهم أن يقرؤوه خلال العام ليحققوا بذلك أرقامًا قياسية من باب المنافسة بينهم وبين غيرهم من القراء، لذا لا تستغرب عزيزي القارئ إن سمعت أحدهم يقول: "لقد قرأت خلال هذا العام 50 كتابًا أو أكثر"، لكن يا ترى كم كتابًا قرأت أنتَ وماذا قرأت؟ وهل قرأت للمنافسة فقط أم للفائدة؟ وكيف استفدت من هذا الحجم من الكتب؟ وكيف أثر ذلك في حياتك المهنية أو الشخصية؟ وهل القراءة فعلًا تحتاج للكم أم للنوع؟ على صعيد حياتي الشخصية لم أقرأ أكثر من كتابين طيلة أيام العام، قد لا يتناسب هذا العدد مع كوني قارئًا وكاتبًا لكن فعلًا ما قرأته هو ما كنت أحتاجه في حياتي المهنية والشخصية.

إذًا عزيزي القارئ هذا النوع من الحساب هو من الأشياء الجميلة في حياتنا، كم كتابًا قرأت؟ وماذا استفدت من ما قرأته؟ وكيف غير ذلك في حياتك وأثر فيك؟ أم أنك في سباق مع غيرك وتريد المنافسة فقط من أجل العدد؟ حقًا أعرف صديقة جزائرية تقرأ في العام الواحد ما قد يبلغ الخمسين كتابًا لكنها على استعداد كامل أن تناقشك بكل كتاب قرأته، أن تناقشك نقاش الناقد المثقف الواعي لما بين يديه من مضمون قد يكون أثر في شخصيتها أو لم يؤثر، وهذا هو المطلوب منا كقراء، أن نقرأ ونناقش ما قرأناه ونحاسب أنفسنا بعد ذلك ماذا اكتسبنا من هذا الكتاب أو ذاك. إذًا فلنحاسب أنفسنا جيدًا مع نهاية العام، حساب المثقفين أولًا وحساب المذنبين ثانيًا بحق أنفسنا وبحق الله قبل فوات الأوان وقبل الانشغال، فكم من شخص يتمنى أن يعود به الزمن للوراء قليلًا لقراءة مجموعة قصصية أو شعرية أو مجلد فقهي أو فكري وثقافي لعدم امتلاكه ما يكفيه من الوقت للقراءة أو الكتابة.