فلسطين أون لاين

​السفير الفلسطيني السابق ربحي حلوم لـ"فلسطين":

عقد "الوطني" في رام الله المحتلة يؤكد النية المبيتة "لتصفية القضية"

...
غزة-نسمة حمتو

عباس يصرّ على التسبب بأزمة خطيرة تقود إلى "نكبة جديدة"

مطلوب حلّ "الوطني" الحالي وإنشاء آخر على قاعدة شرعية


"المجلس الوطني يفترض أن يُشكَّل من خلال عقد جلسة دستورية وشرعية خارج الأرض المحتلة، حتى لو كان على ظهر سفينة في عرض البحر على الرغم من أن هناك الكثير من الدول وخاصة الجزائر وغيرها من الدول الكبرى قادرة على استضافته"؛ يؤكد ذلك السفير الفلسطيني السابق ربحي حلوم، الذي يرى أن عقد هذا المجلس في رام الله المحتلة دون توافق يؤكد النية المبيتة لتصفية القضية الفلسطينية.


حلوم، الذي قدم استقالته من كل مناصبه كسفير وعضو في المجلسين الوطني الفلسطيني والثوري لحركة فتح ومن كل مؤسسات منظمة التحرير لمعارضته اتفاق أوسلو الموقّع سنة 1993، قال في حوار مع صحيفة "فلسطين"، إن المجلس الوطني مطالب بعقد جلسة واحدة مهمة لا غير، وهي لإصدار قرار بحل ذاته، والدعوة لتشكيل مجلس جديد على قاعدة الشرعية المنصوص عليها في اللوائح والأنظمة والميثاق الفلسطيني.


وأكد أنه كان يفترض أن يتم تشكيل "الوطني" عن طريق الانتخابات ووفق القواعد المبينة الممثلة لكافة شرائح وأطياف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.


ورأى حلوم، أن إصرار رئيس السلطة محمود عباس على عقد "الوطني" في رام الله المحتلة يؤكد "النية المبيتة لتصفية القضية الفلسطينية وتمرير صفقة القرن"، في إشارة إلى الخطة التي تعدها الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب لتسوية هذه القضية.


وكانت اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني شددت في ختام اجتماعها في بيروت مطلع العام الماضي، على ضرورة عقد المجلس "بحيث يضم كافة الفصائل الفلسطينية"، وفقًا لإعلان القاهرة (2005) واتفاق المصالحة (4 أيار/ مايو 2011)، من خلال الانتخاب أو التوافق؛ لكن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قررت خلال اجتماع برئاسة عباس، عقد "الوطني" دون توافق فلسطيني.


وأكد حلوم، أن هناك لوائح لا بد أن تحكم المجلس الوطني، ومنها مكان عقده، بحيث يجب أن لا يكون تحت الاحتلال، قائلاً: "مطالبة عقد المجلس في رام الله تضيف بندًا لا شرعي له لأنه لا يجوز أن ينعقد المجلس تحت الاحتلال".


وتساءل: "ما خلفية الإصرار على ضرورة عقد هذا المجلس تحت حراب الاحتلال؟"، مضيفاً "قد يقول البعض إن الدول العربية لا تسمح، وأنا أقول إنه من بين 22 دولة عربية أستطيع أن أجزم أن هناك على الأقل 10 دول مستعدة لاستضافة أعمال المجلس إذا طُلب منها الاستضافة، لماذا هذا الإصرار على تمرير قرارات مزيفة مسبقاً وفرض شرعية مزيفة على المجلس؟".


وقال: "إضافة إلى ذلك فإن 54% من أبناء شعبنا في الشتات، أي أكثر من سبعة ملايين فلسطيني يقيمون هناك، غير ممثلين في المجلس؛ بالتالي أي شرعية تلك التي يدعو محمود عباس لعقد مجلس تحت عباءتها؟".


ونوه إلى أنه إضافة إلى ذلك فإن فصائل المقاومة في قطاع غزة التي "لها قواعد تزيد أضعافاً عن حزب محمود عباس وجماعته (يقصد حركة فتح) أين تمثيلهم؟".


وأشار إلى إعلان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، رفضها لعقد المجلس في رام الله المحتلة، وكذلك حركتي المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي، لافتا إلى أنهم أكدوا أنه لا شرعية لانعقاد المجلس القائم في رام الله المحتلة".


وعما إذا كانت هناك حالة تشرذم في "الوطني" الحالي، أكد حلوم ذلك قائلا: "السبب هو أن المجلس لا يوجد له شرعية على الإطلاق، ولا يملك عباس وضع وكلاء عن المتوفين فكيف يمنح نفسه هذا الحق دون أي مسوغ قانوني؟".


وذكر أن "هناك أعضاء حاليين أعلنوا عدم مشاركتهم في الاجتماع المرتقب وأصدروا بيانات رسمية بهذا الشأن، ومن هنا يصر عباس على التسبب بأزمة خطيرة جداً والتي تقودنا إلى نكبة جديدة".


وأضاف: "الإصرار على عقد المجلس دون توافق، يأتي ضمن اللهجة التي أعلن عنها (عضو اللجنة المركزية لفتح) عزام الأحمد حين قال سينعقد المجلس شاء من شاء وأبى من أبى، وكأنه طوّب نفسه كناطق باسم الشعب".


وتابع: "ألا يكفي تنسيقهم الأمني الذي دمر شعبنا، وأضاع 87% من فلسطين التاريخية، وتقديمها على طبق من ذهب للاحتلال بموجب التنسيق الأمني، أي مجلس هذا؟".


لكن حلوم أكد أن الشعب الفلسطيني "واعٍ ولن يسمح بتمرير المخططات التي تستهدف تصفية القضية، وإغلاق ملف حق اللاجئين، وإجهاض مسيرة العودة المظفرة التي أعلنها شعبنا حتى تحقيق العودة".


وقال حلوم: "منذ 1968 حتى الآن هناك أناس ما زالوا يحتفظون بالعضوية خلافاً لكل مواد اللوائح الداخلية التي تحكم عمل المجلس"، مقدرا عدد أعضاء "الوطني" المتوفين بـ117.


وأكد أن تعيين بدلاء لهؤلاء لا يجوز أن يكون عشوائياً أو بالتزكية، منبهًا إلى أن هناك قواعد تحكم ذلك.


واتهم عباس بممارسة أكبر انتهاك للوائح المجلس والميثاق الوطني والثوابت الفلسطينية، منبهًا إلى أن عباس لا يملك تسمية هذا أو ذاك عضوا في "الوطني" أو مندوبا عنه، دون أن تكون تلك التسمية محكومة بالنصوص الواردة في اللوائح الداخلية.


وذكر أن المجلس الوطني الذي انعقد في غزة في 1996 وتخللها إلغاء بعض بنود الميثاق، كان عدده يفوق الـ870 عضوا معظمهم من مرافقي المسؤولين الأمنيين وبعضهم يعملون في المكاتب كمراسلين إداريين لا مكان لهم في العضوية بقرار شرعي يصدر عن المجلس.


وأوضح أنه "منذ ما يزيد على نصف قرن وهناك أعضاء لا يزالون موجودين في المجلس الوطني خروجاً عن الشرعية"، متسائلاً: "أي عضوية هذه التي تمتد لأكثر من نصف قرن في أي عرف في العالم؟".


لقاء وطني

وشدد حلوم على أن الاستمرار في هذه "القرارات الفردية التي يتخذها عباس وبطانته سيؤدي لتعميق الكارثة وتصفية القضية وحق العودة وإجهاض إرادة شعبنا في الداخل وكل أنحاء فلسطين المحتلة وخاصة في قطاع غزة والضفة الغربية"، مؤكداً أن "فلسطين واحدة، ولن يمرروا هذه الخطوة البلطجية التي لن يسمح بها شعبنا".


وقال حلوم، إن فلسطينيي الخارج بصدد عقد لقاء وطني في نهاية الشهر الجاري في بيروت، مبينا أن من سيتولى الإعداد لهذا اللقاء هي "شخصيات واعدة من أبناء شعبنا بمن فيهم أعضاء المجلس الوطني الرافضون لانعقاد المجلس اللاشرعي، إضافة إلى فصائل وازنة".


وختم السفير الفلسطيني السابق بأن هذا اللقاء ستصدر عنه "خطوات فاعلة لمواجهة الغطرسة"؛ وفق تعبيره.