فلسطين أون لاين

مسؤول: إعمار غزة تائه بين "UNOPS" والشؤون المدنية

...
صورة أرشيفية
غزة - صفاء عاشور

الكثير من الانتقادات وجهت إلى آلية إعمار قطاع غزة، ورفضتها كل القطاعات الاقتصادية والفصائلية، لكنها لا تزال هي الآلية المعمول بها في ملف إعادة إعمار القطاع، تلك الآلية التي لا تزال الكثير من تفاصيلها غامضة، ما يجعل مستقبل أهالي القطاع غامضًا مثلها.

آلية إعادة الإعمار التي وقعتها ثلاثة أطراف: السلطة الفلسطينية، وكيان الاحتلال، والأمم المتحدة مشرفة عليها؛ أصبح التنصل منها سمة الموقف، والأطراف جميعًا تنفي علاقتها أو مسئوليتها عن تبعات استمرار العمل بها في القطاع.

أمين سر الصناعات الإنشائية محمد العصار بين أن بنود آلية الأمم المتحدة وضعها الاحتلال الإسرائيلي وحده، ووافق عليها الجانب الفلسطيني، وقبلت الأمم المتحدة الإشراف والرقابة على تنفيذ بنودها.

وقال العصار في حوار خاص لصحيفة "فلسطين": "إن بنود الآلية لم تكن واضحة المعالم، وكلٌّ وافق عليها لأنها كانت الحل الوحيد أمام القطاع للتخلص من الدمار الذي لحق بكل مناحي الحياة فيه".

وأضاف: "أحد بنود الآلية أن تستمر ستة أشهر فقط، ثم تجلس الأطراف الموقعة لمراجعتها، ومناقشة مدى فعاليتها والإنجازات التي تحققت منها"، لافتًا إلى أن الأطراف الثلاثة وقعت الآلية وتخلت عنها.

وأشار إلى أن جهات عدة في قطاع غزة _وأبرزها القطاع الخاص_ قابلت شخصيات من مؤسسة (UNOPS)، لبحث المشاكل التي تلحق بهم من إغلاقات لمصانعهم، أو وقف حصصهم من الإسمنت، وغيرها من المشاكل، لكن رد المؤسسة كان أن "لا علاقة لنا بالقرارات التي تصدر بمنع التجار أو إيقافهم عن العمل، وكل مهمتنا هي رفع التقارير الخاصة بالإعمار إلى الشؤون المدنية".

وتابع: "كذلك كان الرد من قبل وزارة الشؤون المدنية أن لا يد لها في القرارات المُتخذة بحق تجار وشركات القطاع، ومثله كان رد الاحتلال الإسرائيلي الذي أكد كسابقته عدم وجود علاقة له بما يحصل في ملف إعادة الإعمار"، لافتًا إلى أن الأطراف جميعًا أصبحت ترمي العبء على الآخر، وتريد التنصل من الآلية كيفما كان.

احتكار الملف

وبين العصار أن وزارة الشؤون المدنية ممثلة لحكومة الحمد الله هي التي تدير ملف الإعمار بالكامل، وأنها أصبحت الآمر الناهي في مفاصل عملية الإعمار كافة التي يحتاج لها القطاع.

وذكر أن حكومة الحمد الله قررت مع بداية العمل بالآلية تشكيل لجنة لتنسيب الموردين في قطاع غزة، يرأسها وكيل وزارة الاقتصاد السابق حاتم عويضة، وكانت مكونة من الغرف التجارية واتحاد المقاولين ووزارة الاقتصاد، مهمتها التنسيق مع الشؤون المدنية في الضفة فيما يخص موردي مواد البناء والإسمنت.

ولفت العصار إلى أن اللجنة كانت تغرد في اتجاه والشؤون المدنية في اتجاه آخر، إذ كانت اللجنة منزوعة الصلاحيات تمامًا، وهو ما دفع رئيسها إلى تقديم استقالته احتجاجًا على عدم الأخذ بتوصيات اللجنة، ما أدى إلى توقفها عن العمل منذ نحو خمسة أشهر.

وأفاد أن الشؤون المدنية في الضفة لديها الكثير من التجاوزات بخصوص ملف الإعمار، وكان آخرها ما حصل بعد إعادة تفعيل لجنة تنسيب الموردين، إذ أضافت الشؤون 32 اسمًا مع أن إضافة الأسماء كانت من مسئولية اللجنة التي لم يؤخذ بسوى 12 اسمًا من الأسماء التي اقترحتها.

تقلص الخدمات

وأشار العصار إلى أن الشؤون المدنية في غزة كانت قبل ستة أشهر "وزارة"، لكنه بعد إقالة وكيلها ناصر السراج تحولت إلى دائرة مشكلة من عدة لجان لا تستطيع أخذ قرار واحد دون الرجوع إلى الوزارة في رام الله.

وأكد أن التغيرات التي طالت الشؤون المدنية زادت من معاناة أهالي القطاع، خاصة فيما يتعلق بتصاريح التجار والتنسيقات على المعابر، وأنه منذ ست أشهر تقلصت الكثير من التسهيلات التي كانت متوافرة لأهالي القطاع.

ولفت العصار إلى أنه بعد إزاحة السراج تقلص عدد شاحنات الإسمنت المسموح بإدخالها من 140 شاحنة إلى 70 فقط، وزاد عدد السلع الممنوع إدخالها، إضافة إلى حظر الكثير من شركات المقاولات والتجار.

وشدد على أن الشؤون المدنية هي حلقة الوصل بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، ومن مسئولياتها الدفاع عن الشركات الفلسطينية التي يقرر الاحتلال وقفها عن العمل أو حظرها، والعمل على إزالة المعيقات كافة من أمام ملف الإعمار.

وأكد العصار أنه بعد سنتين من بدء الإعمار تأكد لجميع القطاعات في غزة أن الشؤون المدنية هي راعي منظومة الإعمار بشكل كامل، داعيًا إلى نقل هذا الملف من الشؤون المدنية إلى إحدى الوزرات الأخرى.

وقال: "إن الشؤون المدنية هي حلقة الوصل في ملف الإعمار مع الاحتلال و(يونبس)، وهي التي تتحمل المسئولية عن القرارات الصادرة بخصوص الإعمار كافة"، لافتًا إلى أنه كان يجب على "الشؤون" الاعتراض على تقليصات الاحتلال لعدد شاحنات الإسمنت إلى النصف".

وأضاف العصار: "إن الاحتلال أخل بأحد بنود اتفاق إعادة الإعمار، وقلص عدد الشاحنات من 140 إلى 70 شاحنة"، متسائلًا: "أين دور الشؤون المدنية من هذه التقليصات التي تمس بجوهر عملية الإعمار؟!".