فلسطين أون لاين

​تحليل: بصمات "الموساد" في مسرح جريمة اغتيال البطش

...
من مكان اغتيال الشهيد البطش (أ ف ب)
غزة - أدهم الشريف

شابه أسلوب اغتيال الباحث والأكاديمي الفلسطيني فادي البطش، وهو عائد من صلاة الفجر، فجر أمس، إلى مكان سكنه في ماليزيا، بإطلاق الرصاص عليه مباشرة ومن مسافة قريبة مع حرص القتلة على عدم ترك أي بصمة، ذات الأسلوب الذي اغتيل به المهندس التونسي محمد الزواري، حسبما رأى مختصان.

وأكد نائب رئيس الوزراء الماليزي أحمد زاهد حميدي، أمس، أن شخصين من "القوقاز" نفذا عملية اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش في ماليزيا، وهما على صلة باستخبارات معادية للفلسطينيين.

ويعتقد مختصان بالشأن الأمني والإسرائيلي في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن وكالة الاستخبارات الإسرائيلية والمهام الخاصة "الموساد"، هي من تقف وراء اغتيال البطش المقيم في دولة ماليزيا منذ 10 أعوام.

وللموساد تاريخ طويل في اغتيالات شخصيات فلسطينية وعربية حاولت مساندة القضية الفلسطينية بشكل مباشر أو غير مباشر.

وعلى الصعيد الفلسطيني، فإن جرائم الاغتيال الإسرائيلية تواصلت في الداخل والخارج، ولا تكاد توجد عاصمة أوروبية إلا واغتال فيها "الموساد" قياديا أو ناشطا فلسطينيا على الأقل، مثل جزيرة قبرص، والعاصمة الفرنسية باريس، والإيطالية روما، والبريطانية لندن، واليونانية أثينا، والنمساوية فيينا، والبلجيكية بروكسل، والبلغارية صوفيا.

ولم تسلم كذلك العواصم العربية من تنفيذ اغتيالات إسرائيلية ضد قادة بارزين مثلما جرى في العاصمة اللبنانية بيروت عام 1972، وفي تونس 1988.

وكان اغتيال غسان كنفاني عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية والناطق الرسمي باسمها في 8 يوليو/ تموز 1972 بواسطة عبوة ناسفة وضعت في سيارته بمنطقة الحازمية في لبنان، من أبرز عمليات الاغتيال آنذاك.

وفي 16 أبريل/ نيسان 1988، اغتيل خليل الوزير الملقب "أبو جهاد" الرجل الثاني في حركة "فتح"، ومن مؤسسيها مع ياسر عرفات وآخرين، بعملية عسكرية نفذتها (إسرائيل) في مقر إقامته في تونس العاصمة، وهو أرفع شخصية اغتالتها (إسرائيل) حتى ذلك الوقت.

وفي 26 فبراير/ شباط 2016، اغتيل عمر النايف قيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في سفارة السلطة الفلسطينية في بلغاريا ووُجهت الاتهامات للموساد بتنفيذ عملية الاغتيال.

أما في 15 ديسمبر/ كانون أول 2017، اغتال "الموساد" مهندس الطيران التونسي محمد الزواري في مسقط رأسه بمدينة صفاقس التونسية بإطلاق النار عليه وهو داخل مركبته، وفيما بعد أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أنه أحد قادتها وساهم في تطوير برنامج طائرات دون طيار.

وقال المختص في الشؤون الأمنية والإستراتيجية د. هشام مغاري، إن أسلوب اغتيال البطش اتبعه "الموساد" مرات عديدة وخاصة ضد الفلسطينيين، ومحمد الزواري من الأمثلة الحيَّة حول هذا الموضوع.

وأضاف مغاري أن "الموساد" هو المرشح الأول لاغتيال البطش، مشيرًا إلى الاغتيالات سياسة قديمة يحاول الموساد تنفيذها ضد أشخاص لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالمقاومة الفلسطينية.

وأشار إلى أن "الموساد" كلما وجد شخصية ممكن أن تقدم خدمة للفلسطينيين يذهب في اتجاه الاغتيالات التي تستهدف القيادات والفاعلين المبدعين النابغين القادرين على تحسين أداء الفلسطينيين.

ورأى أن "الموساد" الإسرائيلي تعامل مع البطش انطلاقًا من هذا المعيار باعتباره شخصية مبدعة صاحبة إنجازات علمية وقريبة من المقاومة.

من جانبه، يقول المختص بالشأن الإسرائيلي د. عدنان أبو عامر، إن "الموساد" لم يعلن مباشرة عن هذه العملية، ويحاول أن يضفي عليها نوعا من الغموض، لعدم توريط (إسرائيل) في قضايا سياسية ودبلوماسية مع دول جرت فيها عمليات اغتيال.

وأشار أبو عامر إلى أن (إسرائيل) حاولت عبر أجهزتها الأمنية ووكالات الأنباء والصحافة العرية والعالمية، نشر "لائحة اتهام" للشهيد البطش، وبمجرد اغتياله أوردت جميع وسائل الإعلام العبرية اتهامات له وتقارير تتحدث عن دوره في تطوير قدرات الصواريخ والمقاومة الفلسطينية.

وأكد أن الهدف كان من ذلك، تبرير عملية الاغتيال التي تشير طريقة تنفيذها وسلوك المنفذين إلى يد "الموساد" في تنفيذها، خاصة أن الشهيد ليس لديه أي إشكاليات أو خلافات أو أشخاص عدائيين.

وقال أبو عامر إن "الموساد" منذ أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، نفذ مئات عمليات الاغتيالات في مختلف قارات العالم، في وقت تشتغل فيه (إسرائيل) تحت الغطاء الدبلوماسي الأمريكي، وهي تسعى جاهدة ألا تترك خلفها أي بصمة تدل على أن "الموساد" الذي ارتكب جريمة ما أو نفذها حتى لا تقع دولة الاحتلال في حرج سياسي ودبلوماسي.

وأضاف أن "الموساد" يحرص على أن تكون عملياته "نظيفة"، يستخدم فيها المنفذون جوازات سفر غير إسرائيلية.