فلسطين أون لاين

الأسير المريض "بسام السايح".. المُقاوم الذي هزم الاحتلال "بابتسامته"

...
غزة - نسمة حمتو

لم تكُن تُدرك أبداً بأن حياة زوجها وونيسها في وحدتها الذي لطالما كان لها السند والأمان بات مهدداً بالخطر بعد أن أخبره الأطباء بإصابته بمرض السرطان، كانت نظرة العتاب طويلة جداً، فهو لا يعرف كيف يواسيها، وهي لا تعرف ما الذي ستقوله له لتخفف عنه، وفجأة صمت قليلاً وقال للطبيب: "أقسم بالله أنني سأنتصر على السرطان من أجلها"..


كان القول السابق للأسير الصحفي بسام السايح (44 عاماً)، الذي أنهى دراسة البكالوريوس في الصحافة والإعلام، ودراسة الماجستير في التخطيط والتنمية السياسية.


ترعرع منذ نشأته في المساجد وكان معروفاً لدى الجميع بالتزامه، وطيب قلبه وأخلاقه، وعاش وتربى في أكناف أسرة ملتزمة، فكان لذلك الأثر على شخصيته، ثم انطلق لأولى مراحل حياته العلمية بمدارس مدينة نابلس، ليلتحق بعدها بجامعة النجاح الوطنية ويدرس العلوم السياسية والصحافة، هكذا قصّت زوجته.


وتضيف زوجته الأسيرة المحررة منى أبو بكر: "بسام بالنسبة لي الحياة، دائماً أحاول أن أقدم له الدعم، لا أشعره بأن لديه نقصا، رغم أن الطبيب قال له تبقى لك أسبوعان، لم أقل له ولو لمرة واحدة إن المرض سيؤثر عليه، كان دائماً يقول لي إنني أحب الناس على قلبه".


إكسير الحياة

تتذكر حياتها ما قبل اعتقاله، وتتابع حديثها: "كنت بالنسبة له إكسير الحياة وهو من كان سبب تعلقي بالحياة، كان يقول لي سأهزم السرطان لأجلك، وعندما يتعب أو يشعر بالضعف يتذكرني دائماً ليشعر بالقوة".


وفي آخر زيارة له في السجن، رأته "صابراً على الأسر، ولكن لشدة مرضه وخاصة أنه خطير، كان يشعر بانتكاسة، وأخبرني: كنت أضع الله أمامي عندما أشعر بالتعب، فأراكِ دائماً".


هي صديقته أكثر مما هي زوجته، هكذا تصف علاقتها ببسام الذي "كان بالنسبة لي أوفى صديق، حافظاً لأسراري، بسام رجل مرح يحب الضحك والمزاح، كنت أتفق معه دائماً على كسر الروتين ولو بأشياء بسيطة، أحببنا الحياة معاً، لم أعرف منه إلا حسن المعاملة وكرم الأخلاق".


والأسير السايح من مواليد مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، لم تكن هذه أولى تجاربه الاعتقالية لدى الاحتلال، فقد سجل تاريخه النضالي محطات من الصبر والمعاناة.


معاناة السجن

وعن ذكريات ما قبل الأسر، أضافت أبو بكر: "قبل اعتقالي بليلة واحدة كنت خائفة جداً أن يأتي الاحتلال ويعتقل بسام وهو مريض بالسرطان، وعندما جاء جنوده واعتقلوني وقتها قلت له: الحمد لله أنها أتت على هذا القدر".


وتابعت: "اعتقل بسام في 8-10-2015 وقد كنت أسيرةً حينها، ومنذ فترة اعتقاله يعاني الأمرين في سجون الاحتلال، تعرض لتحقيق عسكري دون الاهتمام لوضعه الصحي، وهو الآن مريض سرطان في العظم والدم، إضافة إلى أنه يعاني من قصور حاد في القلب والتهاب رئوي مزمن".


ونشط السايح في أكناف الحركة الإسلامية، وكان من بين الفاعلين الذين لا يحبون الركون أو التوقف عن العطاء المتدفق، وبعد تخرجه من الجامعة عمل في مجالات عدة لعدم حصوله على فرص العمل المناسبة بسبب انتمائه السياسي، ومع انطلاقة صحيفة "فلسطين" عمل مديراً لتوزيعها بالضفة الغربية، إلا أن الظروف السياسية الداخلية سرعان ما تصاعدت في أعقاب الانقسام لتغلق الطريق أمامه من جديد، وهو ما دفعه لاستثمار الفرصة والالتحاق مجدداً بالجامعة لدراسة الماجستير، وفق زوجته.


المُقاوم المبتسم

وقالت أبو بكر: "نُقل بسام أثناء التحقيق معه للمستشفى والعناية المكثفة، إلا أن ذلك لم يردع الاحتلال للإفراج عنه ومراعاة وضعه الصحي، بل اتهموه بأنه العقل المدبر لعملية إيتمار".


بعد ذلك "نُقل بسام لمستشفى الرملة، رغم أنه مكان لا يتناسب ووضعه الصحي، إلا أن معنوياته كانت عالية جداً" هكذا وصفت زوجته تلك التفاصيل، مسهبةً أنه كان ملهماً للكثير من الأسرى رغم مرضه "فهو صاحب الابتسامة الدائمة، حتى أنهم لقبوه بالمقاوم المبتسم".


لم يتوقف السايح عند المرض اللعين الذي أصابه، فرغم معاناته في السجن إلى أنه يحاول التطوير من مهاراته وسجل في دوراتٍ للتنمية البشرية كي يستطيع التغلب على الوضع الصحي الذي يعيشه.


أما فيما يتعلق بزيارة "أبو بكر" لزوجها في سجون الاحتلال والمعاناة التي تعانيها، قالت: "بالكاد أستطيع زيارته كل 5 شهور مرة واحدة، غالباً تكون هذه الزيارات من أجل الاطمئنان على بعضنا، نحاول أن نخطط للحياة ما بعد الإفراج، ثقتنا بالله كبيرة جداً".


ورغم كل شيء صعب مر في حياة السايح، إلا أنه يتمنى بأن يحصل على شهادة الدكتوراه أثناء تواجده في السجن، وتلبيةً لأمنيته يحاول عدد من الأسرى المطالبة بنقل دكتور للسجن الذي يتواجد فيه من أجل إكمال رسالته والحصول عليها.


كل أحلام "منى" معلقة بعودة شقيق الروح والقلب "بسام"، فهي في كل زيارة ترسم معه الخطط المستقبلية التي ستعيشها معه في منزلهما الصغير، الذي تتمنى بأن يدخله معافى من مرضه، يضمهما الحب الذي يحاربه الاحتلال، وسيقطعه بسام بسيف ابتسامته!.