فلسطين أون لاين

نائل البرغوثي عندما يعود أقدم أسير سياسي إلى السجن مجددًا

...
رام الله-غزة/ أحمد المصري:

تتربع في الذاكرة الحية صورة لأحد أبطال الحركة الأسيرة يعلوها الشموخ، وهي لعميد الأسرى الفلسطينيين الأسير نائل البرغوثي.


ولد البرغوثي في 24 أكتوبر 1957م، في قرية كوبر قضاء مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، وأسر في الرابع من أبريل عام 1978م أول مرة، وكان طالبًا في الثانوية العامة لم يتجاوز 19 عامًا.


وبعد 12 يومًا من اختطافه أسر الاحتلال الإسرائيلي شقيقه الأكبر عمر وابن عمه فخري، وحكم على ثلاثتهم بالسجن المؤبد مدى الحياة، بادعاء قتل ضابط في جيش الاحتلال شمال رام الله، وحرق مصنع زيوت بفلسطين المحتلة سنة 1948م، وتفجير مقهى في القدس المحتلة.


أمضى الأسير البرغوثي 33 سنة متتالية في سجون الاحتلال، توفي خلالها والده ووالدته، حتى أفرج عنه الاحتلال في 18 أكتوبر 2011م ضمن صفقة "وفاء الأحرار"، التي أفرج بموجبها عن 1047 أسيرًا وأسيرة فلسطينيين مقابل جنديه جلعاد شاليط.


لم يدع الاحتلال البرغوثي يهنأ بفرحة الحرية، فلم يمض أكثر من ثلاث سنوات بعيدًا عن السجن ليعاد أسره مرة أخرى في 18 من أغسطس عام 2014م، لقضاء حكمه السابق ما قبل الإفراج.


تمكن الأسير البرغوثي خلال مدة حريته القصيرة رغم ما فُرض عليه من قيود إذ لم يكن مسموحًا له بمغادرة منطقة رام الله من أن يتزوج، ويلتحق بالتعليم الجامعي بتخصص دراسة علم التاريخ.


ويمتلك البرغوثي الذي دخل موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية أقدمَ أسير سياسي في العالم شخصية متماسكة، وقدرة هائلة على انتزاع المواقف الكوميدية الساخرة في أحلك الظروف القاسية والأوقات العصيبة، وبراعة اصطياد التناقضات الاجتماعية بجملة مركبة من الفكاهة المرة، تثير الإعجاب، وتفتح سكة واسعة لضحك متفجر.


تبين زوجته إيمان نافع أن قضاء زوجها نائل كل هذه السنوات خلف قضبان الاحتلال أمر مؤلم وقاسٍ على النفس، لاسيما أنه تجاوز 60 عامًا، غير أنها فخورة بسيرته ونضاله وصموده.


وتؤكد نافع لصحيفة "فلسطين" أن إعادة الحكم أضافت من القسوة الكبيرة على نفسها، مضيفة: "تخللت سنوات أسره وفاة والديه، وحرمانه شمل العائلة، ما يؤكد حقد الاحتلال على من خرجوا في صفقة التبادل والفلسطينيين".


وتفيد بأن الأسير البرغوثي تعاطى مع إعادة اعتقاله مرة أخرى بروح بطولية رائدة، إذ إنه يعطي الأمل لزملاء الأسر في أن الحرية ستأتيهم مرغمة، وأن ليل السجن سينتهي، مهما طال وبعد الزمن.


وتنقل عنه قوله خلال زيارة سابقة: "إن مدة الإفراج عني التي لم تتعد 31 شهرًا لم تكن سوى حُلم قصير"، فخلالها انشغل بتفاصيل حياته الشخصية بعد الإفراج عنه.


أيضًا تنقل نافع عن البرغوثي تمتعه بالقوة والصبر والمعنويات العالية، والثقة وأمله في أن من أقدم على تحريره في صفقة التبادل (وفاء الأحرار) قادر على أن يعيد الكرة مرة أخرى، ويصل به والأسرى جميعًا إلى عتبة الحرية، رغمًا عن أنف السجان الاحتلالي.


وتختم: "زوجي حاول فعليًّا خلال مدة حريته أن يبني حياة جديدة، والانتقال إلى مرحلة الاستقرار، غير أن الأمر لم يتحقق بما جرى من أسر وإعادة الحكم السابق عليه".