فلسطين أون لاين

​مع بدء 2017.. هل تؤثر ظروف غزة في خطط شبابها؟

...
صورة أرشيفية لمجموعة من شباب غزة
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

منذ ستة سنوات يستقبل الشاب حسن أبو أسد الأعوام الميلادية الجديدة بوضع خطة لأهم مشاريعه المنوي تنفيذها طوال أيام العام، ولكن في نهاية المطاف يكتشف أن ما حققه لا يتجاوز _في أحسن الأحوال_ الـ50% من إجمالي ما خطط لتنفيذه خلال 12 شهرًا.

ورغم ذلك، لا ييأس أبو أسد (24 عامًا) من إعادة المحاولة وكتابة خطة جديدة في مطلع كل عام بها أمنيات ومهام حديثة وأخرى مستوردة من العام السابق، واضعًا في أعلى رأس الصفحة عبارة "إذا لم تخطط للنجاح فقد خططت للفشل".

ولكن خطة أبو أسد في هذا العام 2017، الذي أشرقت شمس أول أيامه، صباح الأحد، خلت من كل جديد، فلقد اقتصر على تدوين أهدافه التي فشل في تحقيقها طوال السنوات الماضية، ساعيًا إلى تنفيذها بالقدر المستطاع وإن حالت الظروف الخارجة عن سيطرته أمام ذلك.

خارج السيطرة

ويقول أبو أسد لصحيفة "فلسطين": "مارستُ التخطيط لأول مرةٍ خلال دراستي للثانوية العامة "التوجيهي" وحققت نتائج إيجابية حينها، وبعدها مضيتُ على نهج كتابة الخطط السنوية أو الشهرية، إلا أن نسبة النجاح العام بدأت تتراجع تدريجيًا لأسباب متعددة".

ويدلل الشاب العشريني على حديثه السابق بالقول: "كنت أرغب بإكمال الدراسة الجامعية خارج قطاع غزة ولكن ظروف السفر عبر معبر رفح البري حالت دون تحقيقي أمنيتي تلك، الأمر تسبب باضطرابٍ عام في خطتي المنشودة".

الشابة ولاء الجعبري تقر أن الظروف الداخلية في غزة تلعب دورًا في شكل الخطة المنوي تنفيذها سواء سنويًا أو شهريًا أو حتى يوميًا أيضًا، إلا أن الشخص بإمكانه أن يتأقلم مع تلك الظروف المتعددة بما يساعده في تحقيق أدنى درجات النجاح دون خسارة مطلقة.

وذكرت الجعبري لصحيفة "فلسطين" أنها اعتادت إجراء "كشف حساب" ذاتي في الأيام الأخيرة من كل عام، كي تستقبل السنة الجديدة بمهمة عالية دون النظر إلى الوراء وجلد الذات على محطات الفشل الماضية.

أما الصحفية إسراء مقداد فتلجأ سنويًا إلى الجلوس مع ذاتها لتسألها: "كيف يكون للإنسان أثر إذا كان يعيش بعفوية وعشوائية دون أي تخطيط ليومه ومستقبله؟ وكيف يمكننا أن نمتلك عزيمة مثل عزيمة أبي حنيفة الذي كان يصلي الفجر بوضوء العشاء ويدرس ويقوم الليل؟ وكيف نصل لشيءٍ تراه أعيننا ولا تستطيع أن تناله أيدينا؟".

مرونة وتوافق

ومن واقع تجربتها تقول مقداد: إن "التخطيط حلٌ وآلية اختراقٍ للصعاب وأداة حسم ومصدر ولاء لكل واحد منا لو أتقنّا وفهِمنا فن التخطيط السليم"، مضيفةً: "ما نخطط له ليس مقدسًا، فقد تطرأ متغيرات تؤثر في حيثيات الخطة مع مرور الأيام، لذا تُعد المرونة عنصرًا أساسًا في عملية التخطيط".

وتتبع الشابة العشرينية عدة خطوات عند كتابة خطتها السنوية في آخر شهر من كل عام، تتمثل النقطة الأولى بكتابة ما يجول في خاطرها من أفكار وأهداف (قصيرة وبعيدة المدى) تريد تحقيقها على ورقة بيضاء، إلى جانب تدوين أبرز المعيقات التي تواجهها في حياتها.

وتوضح مقداد أنها تلجأ في الخطوة الثانية إلى تفريغ أهدافها وأمنياتها تحت بنود محددة كأعمال الروح والعقل والجسد والاجتماعيات، قبل أن تضع خطة تنفيذية لكل هدف موجود في الخطة السنوية مقسمة طوال أشهر العام، مؤكدة واقعية الأهداف ومرونة الخطة ومراجعتها بين الحين والآخر.

ويتقاطع حديث الشاب محمد شبانة مع الصحفية مقداد حول ضرورة الالتزام بأعلى درجات المرونة أثناء إعداد الخطط السنوية ومراعاة الظروف العامة الشخصية وغير الشخصية، ولكن دون الوصول إلى حد إلقاء اللوم على "قطة الحي" في حل فشل خطتك لأن لونها أسود مثلًا.

ويرى شبانة أن الحل الأمثل للتشتت وروتينية الحياة وضعف الإنجاز بتحديد جملة من الأهداف التي يرغب بتحقيقها الإنسان خلال العام الجديد بما يتوافق مع ظروف المحيط العام، قائلًا: "دور البطل يتطلب السهر والتحدي وبذل الكثير أو دور الضحية فيحتاج إلى اختراع ذرائع للفشل فقط لا غير".