فلسطين أون لاين

​"سلسلة قراءة" تحيي أفكار "البهاء"

الكتاب.. أداة مقاومة في مخيمات العودة

...
غزة - يحيى اليعقوبي

قبل مغيب الشمس، في مخيمات "العودة" شرق قطاع غزة، تزينوا بالكوفية وعلم فلسطين، وجلسوا يحمل كل منهم كتابًا، ليؤكدوا بهذه الأداة التي دخلت أدوات المقاومة الشعبية، أن العودة شمسٌ لا تغيب من أذهانهم، وليبعثوا رسالة للعالم بأن الشباب الفلسطيني مثقفٌ مقاوم.

على شكل سلسلة بشرية امتدت لعشرات الأمتار، شارك أكثر من 600 شاب في مبادرة "أطول سلسلة للقراء" بمحافظة رفح، وشارك 150 آخرين في السلسلة التي تم تنظيمها في مدينة غزة، ومن المُنتظر أن يتم تنظيم المزيد من سلاسل القراءة في نقاط العودة الأخرى.

منظمو السلسة أرادوا أن يسيروا درب الشهيد المقدسي بهاء عليان، الذي يُنسب له تنظيم أطول سلسلة قراءة حول أسوار القدس، والتي شارك فيها سبعة آلاف فلسطيني تقريبا.

فكرة الشهيد عليان، أعادت إحياءها الناشطة "إيمان جمعة" برفح، وعممها الناشط "آدم المدهون" بغزة، وكان ذلك الأربعاء الماضي، في مخيمات العودة في رفح وغزة.

بداية الفكرة

تقول جمعة لصحيفة "فلسطين": إن "فكرة أطول سلسلة قراءة بمخيم العودة تهدف للتأكيد على سلمية مسيرات العودة أمام الرأي العام الدولي، وهي تشجع على القراءة على درب الشهيد بهاء عليان".

ونبعت الفكرة لدى جمعة أثناء تصفحها مواقع التواصل الاجتماعي، وتوقفها عند منشور كتبته صحفية غربية تهاجم فيه أفكار مسيرة العودة وتصفها بأنها أفكار "عبثية"، وتقول إن القضية الفلسطينية غير عادلة، فردّت حينها على ذلك المنشور وكتبت لها "إن قضيتنا عادلة ونحن مؤمنون بها وبأننا أصحاب حق ولنا بلاد محتلة نريد العودة إليها".

وقررت إيمان أن ترد على تلك الصحفية عمليًا، بتنظيم مبادرة تؤكد عكس ما تتوقع، تبين أن مبادرات الشباب الفلسطينيين إبداعية نضالية، فقررت إحياء فكرة سلسلة القراءة، وشكّلت لجنة وفريقًا مساعدًا يضمّ إعلاميين وناشطين تواصلوا مع نقابات وأطر طلابية وجامعات وفصائل وأساتذة، ولاقت الفكرة ترحيبا كبيرا من الجميع.

جهزت إيمان وفريقها نحو مائة كتاب، وأرسلوا دعوات إلى ما يتراوح بين 400 و500 شخص، لكن الحضور فاق التوقعات، فوصل لنحو 600 شخص، مشيرة إلى أن الفريق وفّر الدعم اللوجستي للموجودين فضلا عن المواصلات وخيمة استقبال القراء وخيمة للأطباء.

الهدف من هذه الفكرة، والكلام لجمعة، هو إيصال رسالة للعالم بأن مسيرة العودة سلمية، وأن الشعب الفلسطيني ليس فوضويا كما يحاول الاحتلال تصويره، وأن المشاركين في المسيرة يتوجهون إلى الحدود للمطالبة بحقوقهم بطرق سلمية، وأن المبادرة تأتي ضمن المحاولات المبذولة حتى تكون القضية الفلسطينية في صدارة الأحداث الدولية.

"أشعر بسعادة كبيرة نتيجة تنفيذ هذه الفكرة على أرض الواقع، لأنها ستخرس الكثير من الألسنة التي تحاول النيل من الشباب الفلسطيني وتشويه صورته"، تقول.

وإيمان جمعة (23 عامًا) تعمل رئيسًا لمركز الأقصى للتدريب والتطوير برفح، وهي خريجة بكالوريوس محاسبة من الكلية الجامعية للعلوم والتكنولوجيا بمدينة خان يونس، وهي ناشطة مجتمعية وباحثة في مجال العمل التطوعي.

تعميم ورسائل

في غزّة، تلقّف الفكرة الناشط الشبابي من مدينة غزة آدم المدهون، فتواصل مع منفذي الفكرة برفح ليطبقها في غزة، وقد نفّذها في مخيم العودة شرق مدينة غزة بالتزامن مع الفعالية المُقامة برفح.

وبذات الطريقة، شكّل المدهون، كما تحدث لصحيفة "فلسطين"، فريقا مساعدا، وتواصل الفريق مع جهات ذات علاقة بالعمل الثقافي والأدبي والاتحادات الشبابية وجهات تنفيذية رحبت بالمشاركة، وكذلك مع فرق شبابية بمحافظات الشمال وخان يونس والوسطى لتعميمها خلال الأيام المقبلة.

ووفّر المدهون للمشاركين عشرات الكتب التي تتحدث عن الثورة الفلسطينية على مدار العصور، وحق العودة، والقانون الدولي، وإلى جانب القراءة، تبادل المشاركون المعلومات وما استخلصوه من الكتب التي قرؤوها.

الرسالة التي أراد المدهون إيصالها بهذه الفعالية هي التأكيد على سلمية أدوات النضال الفلسطيني وعدم اقتصارها على السلاح فقط، وأن الفن والعلم والأدب من هذه الأدوات.

وأوضح: "نريد إيصال رسالة مفادها أننا شباب غزة مثقفون ولنا حق في الأرض، وأننا شعب يستحق الحياة".

والمدهون (29عامًا) ناشط شبابي من سكان مخيم جباليا، أنهى تعليمه من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، ويدرس حاليا بكالوريوس "إدارة" في جامعة القدس المفتوحة.