إن الذي خلقنا وبث فينا أرواحنا هو الله، وهو وحده واهب الروح وقابضها والمتصرف بها, فلا الروح لنا ولا الجسد ملكنا، بل إنها أمانات، علينا رعايتها والحفاظ عليها حتى يتسلمها واهبها.
الأمانة كخلق وسلوك, تحتاج للتعليم بالقدوة, فإن كنت أمينا في فعلك وقولك أمام أبنائك فهذا يكفي للمحاكاة، وسيتصرفون مثلك تماما، ثق بذلك. ولا ضير من متابعة الأمانة كخلق من وقت لآخر بين أبنائك من خلال القصة واستخراج العبرة أو المواقف الحقيقية وحتى المفتعلة.
إن أكبر الأمانات التي يحملها الإنسان هي الحفاظ على روحه وجسده, وهذا يحتاج إلىتوعية, فقد لا تكفي الفطرة في بعض الأحيان, إذ أن الإنسان مفطور على حماية نفسه بالبعد عن المخاطر، ولكنه إن استحكم به اليأس أو الغضب من الوارد أن يؤذي نفسه أو يزهق روحه.
من واجب الآباء تعليم أطفالهم رعاية أجسادهم وأرواحهم, فالنظافة تعد من أوائل أساليب رعاية الجسد, ثم يأتي حفظ الجسد, فيجب أن يعرف الطفل كيف يحفظ جسده, ويستر عورته, ولا يسمح لأحد بملامسته من مناطق العورة, فمعظم الانحرافات الجنسية كان مدخلها انتهاك الجسد، سواء من الشخص نفسه أو السماح لآخر بالتحرش به سواء بجهالة أو بقلة حرص أو بمد البصر للعورات.
أما رعاية الجسد في المراهقة فتكون بالابتعاد عن التدخين والمسكرات بأنواعها, وكذلك بالابتعاد عن كل المثيرات الجنسية, التي تؤذي الإنسان وتقضي على تركيزه وتعتم قلبه وطريقه.
يحاول بعض الأبناء الانفراد بأنفسهم, وللانفراد خطورته, فأكثر الذنوب هي ذنوب الخلوات, وعلى الوالدين سن قانون في البيت, بحيث لا يغلق أي طفل الباب على نفسه, ولا حتى المراهق أو الشاب إلا للضرورة. وليجعلا الدفء والأمان والمحبة والحوار جسور تواصل بينهم وبين أبنائهم. فلا يتفرد بهم الشيطان ولا صحبة السوء.
قد تلتبس المفاهيم عند البعض، فيعتبر الزج بالنفس إلى المهالك شجاعة، كالمشاركة في الألعاب الخطيرة دون أخذ احتياطات السلامة, وكذلك الاقتراب من الخطر لالتقاط صورة تثير الرأي والشهرة أو غير ذلك. كل هذه التصرفات تفريط في الروح التي استأمننا الله عليها والتي سنحاسب دون شك على إلقائها إلى التهلكة.
يمر العديد منا بلحظات يأس وقنوط وانقطاع للتواصل الروحاني سواء بضعف أداء الواجبات الدينية من صلاة وصوم أو حتى الانقطاع عنها تماماً, وفي هذه المرحلة تتوه الخطى ويضل الطريق, ومن الوارد أن تتكالب الهواجس على العقل فترخص الروح ويقدم اليائس القانط إذا ما أسعفه أحد إلى إنهاء حياته، فعلينا ألا نترك طريقا لليأس إلى قلوبنا، ولنجعلها دائماً على وصل مع الله، ونتذكر أن واهب الروح هو فقط من يستردها، وأننا كمخلوقات لا حق لنا في تقرير النهاية للحياة وإن لم تعجبنا.