فلسطين أون لاين

​يحتجز الاحتلال جثمانه منذ الجمعة الماضية

بعد أيامٍ من الأمل والترقب.. محمد شهيد

...
غزة - مريم الشوبكي

تعلق قلب "محمد" بـ"بئر السبع"، لطالما تمنى أن يعود إليها يوما، رغم أنه لم يزرها قط، بل جال بها في خياله من خلال قصص جده عنه، وذكريات طفولته فيها التي ما انفك يرويها لأحفاده، حتى جاء يوم نادى فيه الفلسطينيون "راجعين"، بدا لـ"محمد" أن الحلم سيتحقق فهبّ مشاركا في مسيرة العودة الكبرى.

"محمد الربايعة" انضم يوم الجمعة الماضية لجموع المتظاهرين قرب الشريط الحدودي لقطاع غزة إحياءً لذكرى يوم الأرض، ولكنه لم يعد.

وقد اعترف الاحتلال، أمس الأحد، باحتجازه جثمان محمد، إضافة إلى شهيد آخر وهو "مصعب السالول"، واتهمها بأنهما كانا يحملان أسلحة ويخططان لتنفيذ عملية في المناطق المحتلة.

لا جواب

للوقوف على تفاصيل اختفاء "محمد الربايعة" (19 عاما) من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، تحدثت "فلسطين" إلى والده ولكن الدموع غلبته، واختنقت العبرات في صدره، ولم يستطع الحديث عن أي تفاصيل.

تفاصيل آخر يوم لـ"محمد" موجودة عند والدته، لكن الحديث معها لم يكن ممكنا أيضا، فصدمة اختفاء ابنتها أصابتها بنوبية عصبية، نُقلت على إثرها ثلاث مرات إلى المستشفى.

وأخيرا، لجأنا إلى عمه "فايز الربايعة" ليحدّثنا عن ظروف فقد "محمد"، قال: "يوم الجمعة، خرج محمد مع الحشود الغفيرة للمشاركة في مسيرة العودة في منطقة جحر الديك الحدودية، أعزل لا ينتمي لأي فصيل، كغيره من الفلسطينيين الذين يطالبون بحقهم في العودة إلى بلادهم بشكل سلمي".

وأضاف: "كنا مطمئنين لسلمية المسيرة، ولم نتخيل أن يطلق جنود الاحتلال النار على المتظاهرين العزل، ويوقع شهداء في ذلك اليوم، وانتظرنا محمد حتى عم المساء، حتى اقتربت الساعة من الثامنة، لكنه لم يعد، فانتابنا القلق، ومن هنا بدأنا بالبحث عنه في المستشفيات".

وتابع: "ولكن لم نجد محمد لا بين المصابين ولا حتى الشهداء، وحينما سألنا أصدقاءه وبعض سكان منطقة جحر الديك لم نصل لجوابٍ شافٍ، بعضهم أكد أنه مصاب، وآخرون أكدوا استشهاده، ومنهم من قال إن جنود الاحتلال الاسرائيلي أخذوا جثته في الساعة الثانية بعد منتصف الليل".

الخبر اليقين

وأشار الربايعة إلى أنه أثناء البحث عن "محمد"، تبيّن للعائلة فقدان الشاب السلول أيضا، موضحا: "عائلته أيضا لا تعرف شيئا عنه، سوى أن جنود الاحتلال أطلقوا النيران بكثافة في المنطقة، فأصيب شابان، ولم تستطِع طواقم الإسعاف الوصول إليهما".

غياب "محمد" لعدة أيام، دفع العائلة إلى مناشدة الصليب الأحمر للبحث عنه، "ولكنه رفض لأن المنطقة خطرة ومن الصعب وصول طواقمه إليها، فأبلغنا أنه تواصل مع جيش الاحتلال، دون الحصول على أي معلومات عن ابننا"، بحسب الربايعة.

حتى ظهر يوم أمس، كان العائلة معرفة مصير ابنها، وكانت تأمل أن يكون حيا.

ورغم الحزن الناتج عن تأكيد استشهاده إلا أن أهل الشاب يحمدون الله لكونهم عرفوا مصيره.

وردّت العائلة على مزاعم الاحتلال بأن الشابين محمد ومصعب كانا يخططان لتنفيذ عملية، بأن أي من أفراد العائلة لا ينتمي لأي فصيل، وأن ابنهم كان أعزل تماما من السلاح.

وختم الربايعة حديثه: "مثلما توحد الدم الفلسطيني، نتمنى أن تتوحد كل القوى والفصائل، حتى نعود إلى قرنا ومدننا التي هُجّرنا منها".