كان انتشار كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، ضمن مناورات أجراها الجناح العسكري، من المشاهد التي لا تتكرر كثيرًا في قطاع غزة الواقع تحت الحصار الإسرائيلي منذ ما يزيد عن 11 عاما.
تحت اسم "الصمود والتحدي" انطلقت مناورات القسام الدفاعية، وانتشر عناصرها على اختلاف رتبهم العسكرية في محافظات قطاع غزة الخمس البالغ مساحته 360 كيلومترًا مربعًا بتعداد سكاني يزيد عن 2 مليون نسمة.
لكن ما كان يثير الاهتمام، هدوء واطمئنان المواطنين المارين بجانب تجمعات المسلحين في الشوارع العامة والمفترقات الرئيسية.
وأخذ الشاب سعيد كيلاني يتأمل الملثمين المدججين بأنواع مختلفة من الأسلحة بعمق، وكان يشعر بارتياح كبير وفخر وهو يمر من أمامهم.
"وجودهم مطمئن بالنسبة لنا، فهم حماتنا وسندنا" قال كيلاني لصحيفة "فلسطين".
ويؤمن الفلسطينيون أن وجود فصائل المقاومة ضرورة ملحة للتصدي لانتهاكات جيش الاحتلال البشعة بحقهم منذ احتلاله لبلادهم سنة 1948.
وجاءت مناورات القسام قبل أيام من إحياء الفلسطينيين الذكرى الـ42 ليوم الأرض، الذي يصادف 30 مارس/ آذار من كل عام.
حيث ينوي الكثير من الفلسطينيين المشاركة في مسيرة العودة وكسر الحصار يوم الجمعة المقبل 30/مارس من العام الحالي.
ويقول جهاد درويش، إنه من حقنا امتلاك وسائل الدفاع أمام انتهاكات الاحتلال، فالقسام والمقاومة هم دفاعنا في وجه الانتهاكات.
ويضيف: "لقد دافع القسام عن غزة ببراعة في السنوات الماضية، ولولاهم لكانت (إسرائيل) احتلت قطاع غزة".
وتعرف المناورة بأنها تعبير عسكري يستخدم لوصف التحركات الميدانية للقوات العسكرية على أرض المعركة، ويختلف معناها في الحرب عنه في السلم.
"فإن كانت خلال الحرب تشير إلى إستراتيجية عسكرية تقوم على بدء الحرب بهجوم سريع ومباغت يربك العدو ويوقع به خسائر دون علم العدو مسبقًا بهذا الهجوم، فإنها تطلق في السلم على أي تدريبات جيوش دول حليفة أو جيوش منفردة بين أفرع قواتها العسكرية المختلفة لتطوير أدائها وتعزيز مهاراتها".
وهذا ما حاولت كتائب القسام فعله في وقت تتصاعد فيه تهديدات الاحتلال بشن عدوان جديد على غزة.
وبدا الشاب محمد الغول فخورًا بأن قطاع غزة استطاع احتضان جناح عسكري مثل كتائب القسام رغم الأزمات التي عانى منها والعدوان عليه عسكريًا وبشكل موسع ثلاث مرات.
وقال لـ"فلسطين": ربما تساهم هذه المناورات واستعراض القوة وتطوير السلاح في تجنب حرب جديدة مع الاحتلال الذي لا يعرف قدرات المقاومة وإمكانياتها.
وأضاف "المناورات الحية هي تعزيز للمقاتلين في الميدان ورفع معنويات الحاضنة الشعبية".
وشوهد مجسم آلية عسكرية صنعتها القسام وتشبه في شكلها دبابة "الميركافاة" التي تتغنى بها (إسرائيل) ودمرها جنود الكتائب مرات عديدة.
وفي مشهد آخر، خرج أحد العناصر من فوهة نفق أرضي في منطقة بدت أنها كمين لجنود الاحتلال.
وكانت القسام نجحت عبر هذا الأسلوب القتالي في أسر عددٍ من جنود الاحتلال خلال العدوان الإسرائيلي على غزة صيف سنة 2014، والذي استمر 51 يومًا نفذ خلالها جيش الاحتلال أبشع أنواع الجرائم.
وهددت (إسرائيل) مرارًا بعدوان جديد لاستعادة جنودها المفقودين بغزة، لكن كتائب القسام تقول إنها جاهزة لصد أي عدوان. وهذا ما يبعث الاطمئنان في نفوس الغزِّيين.