رفض مسؤولان فلسطيني ولبناني، تصريحات وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، التي دعا فيا أونروا لشطب كل لاجئ فلسطيني من قيودها في حال تغيّبه عن الأراضي اللبنانية أو استحصاله على جنسية بلد آخر، فيما اعتبر باحث في الشأن الفلسطيني الدعوة "ذات دلالة ورسائل سياسية للمجتمع الدولي".
وكان باسيل برر دعوة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين للتخفيف من أعبائها المالية من جهة، ولكي تسهم في تخفيض أعداد اللاجئين في لبنان من دون التعرض لحق العودة الذي هو "مقدس" وفق قوله.
وقال رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة، إنه لا يمكن إسقاط صفة لاجئ عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ورأى خلال مقابلة تلفزيونية عبر قناة القدس الفضائية، أن هناك التباسًا في الرؤية لمعنى السجل الموجود لدى "أونروا"، موضحاً أن سجلات الوكالة الأممية هي الوحيدة الموجودة والتي تؤكد وتعطي وتشهد على حق كل فلسطيني بأنه فلسطيني، وبأنه كان موجودا على أرض فلسطين قبل عام 48.
وأكد منيمنة أن هذا السجل يجب أن يبقى ويُحافظ عليه؛ كونه الدليل الوحيد على وجود الإنسان الفلسطيني المهجر في بقاع العالم، لافتاً إلى عدم وجود علاقة لسجلات الأونروا بامتلاك جنسية أخرى.
وقال: "امتلاك أي لاجئ فلسطيني جنسية أخرى لا يفقد الجنسية الأم الأصلية، يعني اللبناني الذي يحمل أكثر من جنسية لا يسقط حقه في الجنسية اللبنانية، وكذلك الفلسطيني".
وعد رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني تصريحات الوزير باسيل "تقديره غير مكتمل للموضوع، وسقط من إدراكه حصرية السجلات فيما يتعلق بالتأكيد وإثبات هوية اللاجئ الفلسطيني، وهذا الأمر يجب أن يعالج".
باسيل المثير للجدل
بدوره، طالب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تيسير خالد، الوزير اللبناني باسيل، "بالاعتذار مرتين" للشعب الفلسطيني عن تصريحاته له "مسّت" باللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
واستغرب خالد في تدوينة له عبر مواقع التواصل الاجتماعي ما وصفها بـ"المواقف التي تصدر بين الحين والآخر عن وزير الخارجية اللبناني، زعيم التيار الوطني الحر في لبنان جبران باسيل، والتي تعتبر مسا بحقوق اللاجئين الفلسطينيين".
وجاءت دعوة الوزير باسيل في مؤتمر المانحين لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، في العاصمة الإيطالية روما منتصف الشهر الجاري، وشاركت في المؤتمر أكثر من 90 دولة، وذلك في أعقاب تقليص الدعم المالي الأمريكي للمؤسسة الأممية.
وسبق لـ"باسيل" أن أثار الجدل بتصريحات سابقة، في مؤتمر للمغتربين اللبنانيين الذي عُقد في نيويورك في سبتمبر/ أيلول 2016 والتي أيد فيها "إقرار قانون منح المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي الجنسية لأولادها، لكن مع استثناء زوجات حاملي الجنسيتين السورية والفلسطينية للحفاظ على الأرض اللبنانية"، وفق قوله.
وعلق خالد على ذلك: "الوزير باسيل يقدم نفسه كشخصية مثيرة للجدل وعنصرية، وتنسجم مع موقف الإدارة الأمريكية الساعي لإنهاء حق اللاجئين بالعودة والتي كفلها القرار الأممي 194".
وأضاف عضو تنفيذية المنظمة: "التوازن الديمغرافي المزعوم في لبنان لا يحتاج لمثل هذه المواقف غير المسؤولة".
وسبق للوزير اللبناني أن أثار الجدل نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017، حين أجاب عن سؤال في مقابلة مع قناة الميادين حول تطبيع بعض الدول العربية مع (إسرائيل) بالقول: "نحن لسنا رافضين وجود (إسرائيل) وإن من حقها أن تعيش بأمان."
توقيت سياسي
من جانبه، قال الباحث في الشأن الفلسطيني بلبنان أمين مصطفى، إن تصريحات باسيل، جاءت في توقيت سياسي حساس تمر به القضية الفلسطينية، خاصة اللاجئين.
وأضاف مصطفى خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، أن التصريحات في غير محلها، وهي "كلام مسيء، يستحق الرد عليه بما يتلاءم مع خطورته".
ويبدو أن باسيل أراد تحقيق أهداف مُعينة من وراء هذه التصريحات، والكلام لمصطفى، بتوصيل رسالة للمجتمع الدولي، أنه يسهم في مسألة التهجير وتوطين اللاجئين الفلسطينيين، وتقليل أعدادهم في لبنان.
أما الهدف الثاني، فهو من أجل الانتخابات الداخلية، ويحاول من خلالها أن يُرضي بعض اللبنانيين المُناصرين له، باعتباره ضد الوجود الفلسطيني في لبنان.
ورأى مصطفى، أن ما يثير الاستغراب ليس موقف باسيل المعلوم على أهمية كونه وزيراً للخارجية ومن واجبه تبني موقف دولته المناصرة لقضية اللاجئين "لكن المُستغرب الاستمرار في تكرار الخطأ خاصة في ظل ما تمر به القضية بمفصل تاريخي"، وفق تعبيره.
ولاقت تصريحات باسيل، رفضاً رسيماً وغير رسمي في بيروت، وقال مصطفى إنها "تسيء لرئيس الجمهورية ميشيل عون"، مؤكداً أنها لن تؤثر على واقع اللاجئين في لبنان.
وجدير بالذكر أن السلطات اللبنانية تضع قيودًا مشددة على اللاجئين الفلسطينيين وحياتهم، وتمنعهم من التملك والعمل.