كان بمقدور جيش الاحتلال اعتقال رئيس مجلس طلبة جامعة بيرزيت عمر الكسواني من منزله منتصف الليل، لكنه لم يفعلها، واختار المهمة التي قد تبدو أصعب وأخطر، باعتقاله منتصف النهار ومن داخل جامعته التي تعج بآلاف الطلبة !!.
دعونا نستذكر سويا ما حدث ، قوة اسرائيلية خاصة متنكرة بملابس عربية تدخل ظهر الأربعاء 7-3-2018م الحرم الجامعي في وضح النهار ، وتصل إلى حيث يتواجد الكسواني، تحاصره بزعم أنهم صحفيون ، ثم تنهال عليه ضربا ، وتعتقله ، وتطلق النار في الهواء ، بينما يسيطر جنود اسرائيليون على بوابات الجامعة لتأمين انسحابهم ، في حالة غير مسبوقة لا تخلو من استعراض القوة .
ويبدو أن جيش الاحتلال اتخذ سياسة جديدة في ملاحقة نشطاء الكتلة الإسلامية وقدرته على الوصول إليهم حتى لو كانوا داخل جامعاتهم، وهو ما يؤسس ربما لمرحلة جديدة لا محرمات فيها عنوانها وأن خياركم الديمقراطي في أي انتخابات قادمة يجب أن يكون على المزاج الاسرائيلي ، بيد أن الرسالة الأهم هي للسلطة الفلسطينية بأنه الحاكم الفعلي والمتحكم بكافة تفاصيل الحياة بالضفة المحتلة ، ويستطيع أن يفعل فيها ما يشاء ووقتما يشاء ، ولكن أين كان الآلاف من منتسبي الأجهزة الأمنية الذي صدعوا رؤوسنا بحماية الشعب الفلسطيني ، وماذا كانوا يفعلون؟! ، والسؤال الأخطر هل ما حدث جرى دون تنسيق أمني مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية ؟! .
ما حدث مزيد من الإذلال والهوان لسلطة لا تملك السلطة ، بل لا تملك من أمرها شيئا ، فرضها اتفاق أوسلو الملعون الذي أضاع القضية والوطن والأرض ، ويعكس صورة حقيقية عن أوضاع الضفة المحتلة ، التي أصبح لا رادع فيها للاحتلال وجرائمه في ظل ملاحقة المقاومة من قبل جيش الاحتلال وأجهزة أمن السلطة .
من يقبل باستمرار هذا الواقع من سرقة أرض واستيطان وحواجز وقتل وإرهاب واعتقال، والتنسيق الأمني المقدس ، ويتغنى بوجود سلطة يتحمل المسؤولية المباشرة عما حدث وسيحدث؟ بيد أن غزة التي ترزح تحت الحصار منذ نحو 12 عاما لا يمكن أن يحدث فيها ما جرى في جامعة بيرزيت ولو كلفها الأمر دماء وأرواحا .
من هنا ندرك الحقيقة أن سبب الحصار الإجرامي لغزة هو ما تملكه من مخزون العزة والكرامة ، وهي التي احتضنت المقاومة الفلسطينية وقدمت لها أبناءها وأموالها لتحظى بالشرف الوطني وردع الاحتلال ، ووفرت الأمن والأمان للمواطن الفلسطيني الذي دفع وما يزال يدفع الثمن أمام الاحتلال وأعوانه لكنه مرفوع الرأس .
كنت أتمنى أن أسأل رئيس الحكومة عن مفهوم التمكين في ظل ما حدث في بيرزيت ؟ أو على الأقل يعفيني من السؤال ويقدم استقالته، بل القضية أكبر وأعقد من ذلك تستحق إعلان الرئيس عن حل السلطة إن كنا فعلا نملك قرارا وطنيا مستقلا !!.