فلسطين أون لاين

مزارع اللحوم الحمراء بغزة بحاجة لتطوير البنية التحتية

...
غزة - نور الدين صالح

تحتاج مزارع تربية اللحوم الحمراء في قطاع غزة لمشاريع تطويرية في البنية التحتية، وإنشاء مزارع جديدة توائم التطورات الحديثة، فضلًا عن تقديم تسهيلات حكومية، وإعفاءات ضريبية، وتعويضها عن الخسائر التي تكبدتها في الحروب.

ولم يسلم قطاع اللحوم الحمراء من حالة التردي الاقتصادي التي يعيش فيها قطاع غزة، خلال الأشهر الأخيرة بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض، وزادت حدتها بعد الإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة الفلسطينية.

أصحاب المزارع

قال أحمد نوفل _وهو صاحب مزرعة للأبقار في غزة_: "إن الجهات المختصة لا تولينا اهتمامًا، ولم تعوضنا عن الخسائر"، مشيرًا إلى عدم تعويضهم منذ عام 2002م.

وبين نوفل لـ"فلسطين" أنه يضطر إلى بيع اللحوم بسعر أقل من سعر التكلفة، حتى لا تتكدس العجول في مزرعته التي تضم نحو 100 عجل.

وعزا ذلك إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيش فيها قطاع غزة في المدة الأخيرة، من حصار إسرائيلي، وإجراءات عقابية من السلطة، أدت إلى تقليص رواتب موظفيها، لافتًا إلى أن سعر كيلو جرام العجل المستورد من الاحتلال (قائمًا) 17 شيكلًا، ويباع في أسواق غزة بـ15 شيكلًا.

وذكر أن كيلو جرام اللحم (مجرومًا) يُباع للمستهلك في السوق بـ30 شيكلًا، بدلًا من 45 شيكلًا، "وهذا كله من حساب التاجر" أضاف نوفل، واصفًا أوضاعهم بـ"الصعبة".

ونبّه إلى عدم وجود بنية تحتية صالحة لتربية الأبقار في غزة، نظرًا إلى الدمار الذي لحق بهم في الحرب، وعدم تعويضهم عن الخسائر، ما دفعهم إلى تقليص أعداد العجول المستوردة.

لم يختلف الحال كثيرًا لدى سامي البطنيجي (صاحب مزرعة عجول وأغنام) عن سابقه، مشيرًا إلى أنهم يعانون أوضاعًا صعبة حاليًّا، والقوة الشرائية في الأسواق "صفر"، وفق قوله.

بين البطنيجي لـ"فلسطين" أن كميات العجول والأغنام الموجودة في غزة قليلة، "لكنها تُعد كافية في الوقت الراهن، نظرًا لضعف القوة الشرائية لدى المواطنين، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية".

وذكر أن هناك انخفاضًا في أسعار الأبقار والأغنام، ما أدى إلى عزوف بعض التجار عن تربيتها، وإغلاق آخرين مزارعهم، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يُلحق بهم خسائر كبيرة.

ولفت إلى أن مزرعته الواقعة على الحدود الشرقية لمدينة غزة دمرت كليًّا خلال الحرب الأخيرة على القطاع عام 2014م، وكانت تضم 64 عجلًا، و150 رأسًا من الأغنام، "ولم يعوض مطلقًا"، وفق قوله.

وطالب البطنيجي بتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم، من أجل إعانتهم على الإيفاء بالتزاماتهم، وتوفير الكميات اللازمة من اللحوم الحمراء، واصفًا إياهم بـ"الفئة المهمشة".

تأثيرات سلبية

من جهته أكد المدير العام للإدارة العامة للخدمات البيطرية في وزارة الزراعة بغزة د. حسن عزام أن الأوضاع الاقتصادية التي يعيش فيها قطاع غزة أثرت سلبًا على القطاع الحيواني، لاسيما الأبقار والأغنام التي هي مصدر للحوم الحمراء.

وقال عزام لـ"فلسطين": "الأوضاع الصعبة أدت إلى عزوف المواطنين عن شراء اللحوم الحمراء، الأمر الذي أدى إلى انخفاض بيع العجول والأغنام عند أصحاب المزارع".

وبحسب ما ذكر إن انخفاض الأسعار وضعف القوة الشرائية للمواطنين يُعرضان المزارعين ومربي المواشي للخسائر.

وأشار إلى وجود نحو 70 ألف رأس من الأغنام، وكل رأس منها عليه خسارة سنويًّا نحو 20 دينارًا، "وهذه خسائر كبيرة وهائلة"، وفق تعبيره.

وفيما يتعلق بتعويض الخسائر بين عزام أن عملية التعويض مبنية على وجود تمويل خارجي، "وهذا غير متوافر حاليًّا بسبب الوضع الاقتصادي الذي تمر به غزة، وليس هناك إمكانية للتعويض حاليًّا"، على حد قوله.

وعن الكميات المتوافرة في المزارع أفاد عزام بأن كمية العجول الموجودة في القطاع "ضئيلة"، مشيرًا إلى وجود نحو 3 آلاف بقرة تُتنج سنويًّا نحو 1000 - 1500 عجل، علمًا أن احتياج غزة يصل إلى 30 ألف رأس سنويًّا.

أما فيما يتعلق بالأغنام فلفت إلى وجود نحو 60 ألف رأس من الأغنام و12 ألف رأس من الماعز، تنتج نحو 35 ألف رأس سنويًّا، عادًّا إياها "كمية مقبولة".

وبشأن المخاطر التي قد تحيط بهذا القطاع لم يستبعد أن يكون عرضة لبعض المخاطر، بسبب انتقال الأمراض إلى الأبقار والأغنام.

وبين عزام أن الحيوانات المستوردة تحجز وتؤخذ عينات منها للفحص، وفي حال التحقق من سلامتها من الأمراض تدخل إلى غزة، لافتًا إلى أن مجمل اللحوم المستوردة "سليمة، ولا يوجد فيها أي مشاكل".

قطاع مهم

إلى ذلك، قال المختص في الشأن الاقتصادي أمين أبو عيشة: "إن قطاع اللحوم الحمراء من أهم القطاعات الحيوية في غزة، التي تساهم في حجم الإنتاج المحلي".

وأكد أبو عيشة لـ"فلسطين" أن هذا القطاع يتطلب اهتمامًا كبيرًا من الجهات المختصة، وتوفير بعض الإمكانات اللازمة لذلك، من أجل تمكينه من القدرة على المنافسة العالمية.

وبحسب رأيه يجب إعفاء أصحاب المزارع من الضرائب على الأعلاف والمواد البيطرية، والمستلزمات الأخرى، إضافة إلى تقديم بعض الإعانات والمساعدات.

واقترح أن تساهم بعض المصارف في التمويل المتعلق بإنشاء المزارع، إضافة إلى مشاركة سلطة النقد في القروض الحسنة.

وأكد ضرورة العمل على تأهيل عدد من المزارعين للعمل، مشيرًا إلى أنه "إذا توافرت هذه العوامل تكون هناك بيئة جيدة للمزارع".

وأضاف: "لابد من وضع أرضية سعرية، ما يعرف بعدم البيع بسعر أقل من سعر التكلفة، من أجل توفير الحماية لأصحاب المزارع".

وشدد أبو عيشة على أن هذا القطاع يساهم في الناتج المحلي بوجه عام، ويُعد عمود التنمية الاقتصادية في القطاع.