فلسطين أون لاين

الجبهة الداخلية بحاجة إلى يدٍ من حديد

في الأحداث الداخلية التي تجري على أرض قطاع غزة يتبلور رأيان:

الرأي الأول يقول: لا وقت للمحاسبة، ولم يحن موعد المساءلة، هنالك أخطاء من البعض، وهنالك قصور من آخرين، وهناك تجاوزات، ولكننا في قلب المعركة، والسهام كلها موجهة إلى صدر الأعداء، ولا داعي لفتح جبهات جانبية، وقضايا داخلية، ولا مبرر لتشتت الانتباه، وحرف مسار الرماح التي ترسم مستقبل فلسطين المحررة.

والرأي الثاني يقول: ضبط الجبهة الداخلية لا يقل أهمية عن مواجهة جيش العدو، وتماسك المجتمع يعزز من صمود المواطن، ومعالجة الأخطاء الكبيرة والصغيرة يرضي الجمهور، ومحاسبة المقصرين المتخاذلين، وملاحقة كل أولئك الذين تجاوزا الحد في الاعتداء على الممتلكات العامة، يعزز ثقة المجتمع بالقيادة، ويحمي ظهر المقاومين، الذين أداروا ظهورهم لعرض الدنيا، وشخصت أبصارهم وقلوبهم لليوم الآخر، وهم واثقون أن من خلفهم أمة، تصون العهد، وتفٍ بالوعد.

 وبين الرأي الأول والثاني تتكدس على رأس المواطن المصائب، فالمواطن في غزة لا يعترض على قضاء الله وقدره، ويعرف أنه يواجه عدو وحشي إرهابي لا مثيل له على وجه الأرض، لذلك فلا اعتراض على حكم الله الذي رجمنا بشياطين الصهاينة، يقتلون أطفالنا، ويدمرون بيوتنا، ولكن الاعتراض الكبير الذي يرهق كاهل الناس يأتي من عملاء الصهاينة المندسين بيننا، أولئك الذين يستنشقون هواءنا، ويأكلون خبزنا، ويشتمون حالنا، ويبصقون في وجه الوطن صباح مساء، ويستغلون فرصة دخول دبابات العدو الإسرائيلي لمنقطة ما في قطاع غزة، لينسقوا مع العدو آلية التخريب والسرقة، تخريب متعمد للمرافق العامة، وسرقة متعمدة لكل مقتنيات المواطنين، وهؤلاء المندسون لا تحركهم الحاجة، ولا يتسابقون لمكسب مادي فقط، هؤلاء المنسدون يحقدون على الوطن، ويكرهون فلسطين، وهم معنيون بتخريب ما عجز العدو عن تخريبه، في عمل مشبوه، يتم تحت رعاية وإشراف المخابرات الإسرائيلية.

أولئك المخربون المقيمون بيننا، والذي يتبعون أثر الدبابة الإسرائيلية لسرقة مقتنيات الناس من البيوت المدمرة، ولسرقة مقتنيات الشباب الذين قضوا في سبيل الله، أولئك المجرمون بحاجة إلى علاج جذري، علاج يصل إلى حد الاستئصال، والقضاء عليهم قضاءً مبرماً، واجتثاثهم عن وجه الأرض، وقد تم ذلك فعلاً في الكثير من الأحياء والمدن، وتمت ملاحقة الكثير منهم، ومع ذلك، فالمجتمع الفلسطيني بحاجة إلى المزيد من القوة والعنف الثوري ضد هؤلاء المندسين، والمجتمع الفلسطيني بحاجة لمعرفة من يقف خلفهم، ومن الجهة التي نظمتهم، وأطلقتهم كلاباً مسعورة تنهش ظهر المواطن الذي احتسب تضحياته لوجه الله.

أما الفئة الأخرى من المندسين، وهم الأقل ضرراً ميداناً، والأكثر خطراً على الروح المعنوية، فهم أولئك الذين لم يصبهم الضر لا في مالهم ولا في عيالهم، ومع ذلك فهم الأكثر شتماً لغزة ورجالها، وهم الأكثر اعتداءً على المزاج العام، والتشهير بشرفاء الوطن، ولا شك أن من خلف هذه الفئة محرض ومحرك داخلي وخارجي، يقوم بتغذيتهم المسمومة على مدار الوقت، ويرسم لهم معالم الهجوم على رجال المقاومة، وأيسر الأكاذيب لتنفير الناس منها، على أمل تصفيتها، ليتسنى لهم العيش تحت نعال المحتلين، هذه الفئة من الجبناء لا تحتاج إلى قص الألسن، بمقدار حاجتها إلى حوار صاخب وجاف، حوار يتضمن التقريع والتأنيب، وهم أعجز عن مواجهة المنطق الوطني السليم، وهم الأضعف من تحدي إرادة شعب، هذه الفئة من الناس يجب ألا تترك دون مساءلة، وعليهم أن يخشوا يوماً سيكون عقابه عسيراً.