غزة توشحت بالدماء.. وسماء فلسطين لم تكف عن البكاء.. كان يوم السابع والعشرين من ديسمبر قبل ثماني سنوات يوماً مؤلماً على الشعب الفلسطيني.. شنت دولة الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الأكبر بشكل مفاجئ على قطاع غزة ، سقط في الضربة الأولى يومها أكثر من 250 شهيداً ، غالبيتهم من رجال الشرطة، واستُهدفت الأحياء السكنية ومقار ومراكز عسكرية وأمنية وشرطية ، تبين منذ بداية العدوان الاسرائيلي أن الهدف الإسرائيلي هو إسقاط حكم حركة حماس في قطاع غزة و تدمير قدرات فصائل المقاومة.
27/12.. تاريخ ليس عادياً حيث توافق الذكرى الثامنة للحرب العدوانية التي شنتها دولة الاحتلال على قطاع غزة، أواخر عام 2008، تبعها عدوانان أحدهما عام 2012 ، والآخر وهو الأطول استمر لــ "51" يوماً عام 2014 ، ارتكبت خلالها أبشع جرائم الحرب الاسرائيلية من قتل وحرق وبطش وتدمير لكافة مناحي الحياة الفلسطينية.
استخدمت دولة الاحتلال في عدوانها على غزة أسلحة محرمة دولياً في مقدمتها اليورانيوم المنضب ، والفسفور الأبيض ، ناهيك عن المواد السامة التي تحملها الأسلحة والقنابل التي ألقيت على بيوت الآمنين والمدارس والمراكز الصحية والتعليمية والشرطية ، وهذا ما كشفته مؤسسات طبية ومؤسسات حقوقية دولية كمنظمة "هيومن رايتس ووتش" التي أقرت حينها استخدام دولة الاحتلال الإسرائيلي الأسلحة الفسفورية المحرمة دولياً في قصفها لقطاع غزة.
انتهى العدوان الإسرائيلي آنذاك بدمار شامل وواسع، طال كل مناحي الحياة الفلسطينية خلال عشرين يوماً متتالية، فحُرقت وقتُلت عائلات بأكملها ، تجاوز عددهم "1500 " شهيد ، تلاه عدوان 2012 واستمر أسبوعاً كاملاً سقط خلاله مئات الشهداء ، تبعه العدوان الأكبر والأوسع عام 2014 استمر "51 " يوماً " وقع خلاله أكثر من ألفي شهيد فلسطيني ، وأظهرت التقارير أن بينهم 530 طفلا و302 امرأة و64 ، واستشهاد 340 فلسطينيا، وجرح 8710 من المواطنين.
كما ودمر القصف الإسرائيلي 62 مسجداً بالكامل، و109 مساجد ، وكنيسة واحدة ، و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية ، كما فقد نحو مائة ألف فلسطيني منازلهم وعددها 13217 منزلا، وأصبحوا بلا مأوى.
الفصائل الفلسطينية وعلى مدار السنوات الماضية لم تقف مكتوفة الأيدي وأبدت مقاومة شرسة ونوعية في عدوان عام 2008 وما بعدها ، وردت بقصف مستوطنات الاحتلال المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، قبل أن يتوسع قصفها ليطال عشرات المدن المحتلة والقرى والمستوطنات داخل الأراضي عام 1948، مثل القدس وتل أبيب ومطار بن غوريون واللد والرملة وهرتزليا وريشون ليتسيون وأسدود وحيفا، وصولاً إلى مناطق البحر الميت وحتى بئر السبع.
دولة الاحتلال ورغم ما ارتكبت من جرائم في عدوان عام 2008، وعام 2012 ، وعام 2014 إلا أنها أخفقت في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية المخفية والتي أعلنتها ضد حركة حماس ، كما منيت بفشل كبير مع نهاية حروبها بزيادة قوة حماس وتعاظم دورها فلسطينياً وعربياً وكسبها مزيداً من التعاطف والتأييد داخلياً وخارجياً.
ثماني سنوات مرت على هذه الجريمة ، ودولة الاحتلال فشلت فشلاً ذريعاً في إنهاء مشروع المقاومة؛ إذ جعلت حركة حماس من معركة الفرقان مقدمة لصمود وتطور عسكري ، وأثبتت الأيام تفوق المقاومة في مواجهة الاحتلال، ومضيها قدماً في طريق التحرير.
ثماني سنوات مرت على جرائم الاحتلال التي ارتكبها في عدوانه على قطاع غزة أواخر عام 2008، وما تلاها من جرائم مركبة متتالية عام 2012 و2014 ، وهذا بإقرار منظمات دولية وحقوقية بوقوع جرائم حرب بحق الفلسطينيين دون أن يعاقب مرتكب الجريمة ليضع الجميع من سلطة فلسطينية ودول عربية ومؤسسات حقوقية أمام مسؤولياته للعمل على ملاحقة قادة الاحتلال كمجرمي حرب في المحاكم الدولية.
أمام هذه الذكرى.. غزة بقيت برجالها ومقاومتها تثبت كل يوم أنها الأقوى من أي عدوان إسرائيلي غاشم رغم المؤامرات الدولية والعربية على شعبنا ومقاومته، وأن ما قدمه شعبنا من شهداء هو ضريبة العزة والحرية التي يتطلع لها ، وأن حقوق الضحايا لن تسقط بالتقادم وسيأتي اليوم الذي تحاسب فيه دولة الاحتلال على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني.